يستدل عليهما بفحوى الكلام، وقد قال أبو إسحاق أيضًا: أفرأيتم هذه الإناث أَلله هي وأنتم تختارون الذكران وذلك قوله: ألكم الذكر وله الأنثى (١)، وهذا الوجه أجود الثلاثة وسنزيده وضوحًا عند قوله:{أَلَكُمُ الذَّكَرُ} إن شاء الله.
قال أبو علي الفارسي: أرأيتم هنا بمنزلة أخبروني لتعدي أرأيت إلى المفعول ووقوع الاستفهام في موضع المفعول الثاني, والمعنى: أرأيتم جعلكم اللات والعزى بنات الله، ألكم الذكر؟ وجاز الحذف لأن هذا قد تكرر في القرآن كقوله:{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ}[النحل: ٥٧]{وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا}[الزخرف: ١٩] فكان الحذف بمنزلة الإثبات، ألا ترى أن سيبويه جعل كُلاًّ في قوله:
ونارٍ توقَّدُ بالليلِ نَارا (٢)
بمنزلة المذكور في اللفظ للعلم به وإن كان محذوفًا وقد دل قوله:{أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى} على المحذوف، وادعوا هذا في هذه الآلهة كما ادعوه في الملائكة (٣).
فأما اللات فروى عطاء عن ابن عباس قال: هي صنم (٤).
قال قتادة: هي بالطائف (٥)، قال الكلبي: هي صخرة كانت بالطائف
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٧٢، و"إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٢٦٨. (٢) البيت لأبي دواد الإيادي، وهو جارية بن الحجاج. انظر: "ديوانه" ٣٥٣، و"الكتاب" ١/ ٦٦، و"الكامل" ١/ ٢٨٧، و"الإنصاف" ٧٤٣، و"أمالي ابن الشجري" ٢/ ٢١، و"الأصمعيات" ١٩١. وصدره: أكل امرئ تحسبين أمرأً (٣) انظر: "المسائل الحلبيات" ص ٧٨ - ٧٩، و"الكتاب" ١/ ٦٦. (٤) لم أقف على هذه الرواية، والجمبع على أن اللات اسم لصنم. (٥) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٥٣، "الكشف والبيان" ١٢/ ١٠ أ.