بمعنى الذي، ويكون في موضع خفض (١) عطفًا على التمر: ليأكلوا من ثمره ومما عملت أيديهم. وهذا معنى قول ابن عباس؛ لأنه قال: يريد من الغروس، يعني أن الغروس من عمل أيدينا (٢).
قال صاحب النظم: المعنى ويأكلوا بما عملت أيديهم بالمقاساة بالحراثة كما قال -عز وجل-: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ}[الواقعة: ٦٣] فأضاف الحراثة إليهم. وعلى هذا العائد من الصلة إلى الموصول محذوف على قول (٣) من قرأ: عملت بغير هاء، وأكثر ما جاء في التنزيل من هذا على حذف كقوله:{أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} و {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} و {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} و {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ}. وكل هذا على إرادة الهاء وحذفها، وقد جاء الإثبات في قوله:{إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} ويكون هذا كقول (٤) من قرأ: عملته بالهاء، في أنه ردَّ الكناية من الصلة إلى الموصول. ويجوز أن يكون في قوله:{وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} نفيًا على معنى: ليأكلوا من ثمره ولم تعمله أيديهم ولكن من فعلنا.
وقال الضحاك: أي وجدوها معمولة ولا صنع لهم فيها (٥).
قال الفراء:(إذا جعلت (ما) جحدًا لم تجعل لها موضعًا، ويكون
(١) في (أ): (خفين)، وهو تصحيف. (٢) انظر:: "معاني القرآن" للنحاس ٥/ ٤٩٢، "القرطبى" ١٥/ ٢٥، "ابن كثير" ٣/ ٥٧٠. (٣) في (أ): (قوله)، وهو خطأ. (٤) في (أ): (كقوله)، وهو خطأ. (٥) انظر: "الماوردي" ٥/ ١٦، "البغوي" ٤/ ١٢،"مجمع البيان" ٨/ ٦٦١.