قد يظن دخول هذا في قوله:(وما لا يجوز بيعه لا يجوز رهنه)، وليس كذلك؛ لرجوع الثاني إلى العقد والأول إلى المبيع.
٢٠٥٧ - فوله في (باب العارية): (وإن استعار شيئًا ليرهنه بدين فرهنه .. ففيه قولان، أحدهما: أن حكمه حكم العارية، فإن تلفت في يد المرتهن، أو بيعت في الدين .. ضمنها المستعير بقيمتها، والثاني: أن المعير كالضامن للدين، فلا يجوز حتَّى يبين جنس الدين وقدره وصفته، فإن بيع في الدين .. رجع بما بيع به)(١) فيه أمور:
أحدها: أن الأصح: القول الثاني، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(٢).
ثانيها: أنَّه يفهم من إطلاق القول الأول أن حكمه حكم العارية: جواز الرجوع عنه بعد القبض، والأصح: خلافه تفريعًا على ذلك القول.
ثالثها: الأصح - تفريعا على العارية -: أنَّها إذا بيعت بأكثر من القيمة .. ضمنت بما بيعت به، كما استحسنه الرافعي، وصوبه النووي، وإن كان أكثرون على خلافه (٣)، ولذلك أطلق "المنهاج" في قوله [ص ٢٤٣]: (ثم يرجعُ المالكُ بما بيع به) فجعله تفريعًا على القولين معًا، لكن يستثنى منه: ما إذا بيع بأقل من قيمته .. فإنه يرجع بالقيمة تفريعا على العارية.
رابعها: الأصح - تفريعًا على الضمان -: أنَّه لابد من معرفة المرهون عنده أيضًا، وقد ذكره "المنهاج" و"الحاوي"(٤).
خامسها: يقتضى كونه كالضمان: أنَّه لو تلف عند الراهن .. فلا ضمان كالمرتهن، وهو ظاهر قول "الحاوي"[ص ٢٩٨]: (وإن تلف .. فلا ضمان)، لكن الأصح: الضمان في هذه الصورة، وهو مفهوم قول "المنهاج"[ص ٢٤٣]: (فلو تلف في يد المرتهن .. فلا ضمان).
٢٠٥٨ - قول "التنبيه"[ص ١٠٠]: (فإن رهن المبيع قبل القبض .. جاز) الأصح: خلافه، وهو مقتضى قوله في (باب ما يتم به البيع): (ولا يملك المشتري التصرف في المبيع حتَّى ينقطع خيار البائع ويقبض المبيع)(٥) فإنه أطلق منع التصرف، وصرح"المنهاج" و"الحاوي" هناك بمنع الرَّهْن (٦)، وفي "الكفاية": أن الأصح المنصوص: صحته من البائع، وصحح النووي في "نكته": الصحة مطلقًا كـ "التنبيه".