التَّلْبِيَةَ ذِكْرٌ، وَتَسْمِيَةُ مَا أَحْرَمَ بِهِ لَيْسَ بِذِكِرٍ، فَاسْتُحِبَّ الاقْتِصَارُ عَلَى مَا هُوَ ذِكْرٌ" (١).
١٧ - وَقَالَ فِي مُنَاسَبَةٍ: "وَالحَدِيثُ إِذَا صَحَّ وَثَبَتَ صَارَ أَصْلًا يَجِبُ أَنْ يُقَرَّ بِهِ عَلَى مَوْضِعِهِ، وَأَنْ لَا يُحْمَلَ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ" (٢).
فَأَنْتَ تَرَى فِي هَذِهِ المَوَاطِنِ الَّتِي سَرَدْتُهَا أَنَّهُ يُصَرِّحُ ﵀ بِاخْتِيَارِهِ وَتَرْجِيحِهِ، وَكَانَ ﵀ يُعَظِّمُ الدَّلِيلَ وَلَا يَتَجَاوَزُهُ، وَلَا يَتَوَانَى عَنْ تَأْيِيدِ مَا يَرَاهُ صَوَابًا بِصَرِيحِ المَنْقُولِ وَصَحِيحِ المَعْقُولِ، غَيْرَ مُتَخَطٍّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الأَدَبَ مَعَ الأَئِمَّة، إِذْ لَمْ أَظْفَرْ - وَلَوْ فِي مُنَاسَبَةٍ وَاحِدَةٍ - أَنَّهُ حَطَّ مِنْ قَدْرِ أَحَدٍ مِنْهُمْ، بَلْ كَانَ ﵀ يُجِلُّهُمْ، وَلَا يَذْكُرُهُمْ إِلَّا بِالجَمِيلِ.
وَمِنْ دُرَرِ قَالَاتِهِ ﵀ فِي كِتَابِهِ هَذَا قَوْلُهُ: "رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ نَهَى عَنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ فِي الرَّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَلَمْ يُدْخِلِ البُخَارِيُّ فِي البَابِ حَدِيثًا بِجَوَازِ ذَلِكَ وَلَا بِمَنْعِهِ، وَأَجَازَ جَمَاعَةٌ القِرَاءَةَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مِنْهُمْ: عُبَيْدُ بنُ عُمَيْرٍ، وَالرَّبِيعُ بنُ خُثَيْمٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَبْلُغْهُمُ الحَدِيثُ بِالنَّهْي عَنْ ذَلِكَ، أَوْ بَلَغَهُمْ فَلَمْ يَرَوْهُ صَحِيحًا، وَرَأَوا قِرَاءَةَ القُرْآنِ حَسَنةً فِي كُلِّ حَالٍ. وَالحَدِيثُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ، فَلَا يَنْبَغِي لِمُصَلٍّ أَنْ يَقْرَأَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ" (٣).
فَلِلَّهِ دَرُّهُ مِنْ إِمَامٍ!! يَعْتَذِرُ لِلْأَئِمَّةِ بِأَجْمَلِ الأَعْذَارِ، تَأَمَّلْ قَوْلَهُ: "وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَبْلُغْهُمُ الحَدِيثُ، أَوْ بَلَغَهُمْ فَلَمْ يَرَوْهُ صَحِيحًا"، وَيُخَرِّجُ قَوْلَهُمْ عَلَى أَحْسَنِ
(١) (٣/ ٤٩٥) من قسم التحقيق.(٢) (٤/ ٢٤٤) من قسم التحقيق.(٣) (٢/ ٦٠٩) من قسم التحقيق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute