عَلَيْهِمْ، وَلَا غَرَابَةَ فِي ذَلِكَ البَتَّةَ، فَهُوَ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ الَّذِينَ يُعَوِّلُونَ عَلَى أَقْوَالِهِمْ، وَيَجْعَلُونَهَا أَصْلًا مِنْ أُصُولِهِمُ المُعْتَبَرَةِ فِي الاِسْتِدْلَالِ، وَهُوَ ﵀ مَعْدُودٌ أَيْضًا فِي الأَئِمَّةِ الأَثَرِيَّةِ، الَّذِينَ يَفْزَعُونَ إِلَى الأَحَادِيثِ المَرْفُوعَةِ، وَالآثَارِ المَوْقُوفَةِ، قَبْلَ النَّظَرِ وَالقِيَاسِ، وَشَوَاهِدُ اعْتِمَادِهِ عَلَى أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَقَلَّمَا يَتْرُكُ مَسْأَلَةً مِنْ مَسَائِلِ الفِقْهِ إِلَّا وَيَنْقُلُ فِيهَا مَذَاهِبَ الصَّحَابَةِ، وَيَعْتَدُّ بِاتِّفَاقِهِمْ، وَيُعَرِّجُ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ، مُعْتَمِدًا فِي نَقْلٍ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى أُمَّهَاتِ المُصَنَّفَاتِ الحَدِيثِيَّةِ الَّتِي عُنِيتَ بِذِكْرِ أَقْوَالِهِمْ ﵃، وَحَسْبِي هُنَا التَّمْثِيلُ لِهَذَا الأَصْلِ فَقَطْ، إِسْوَةً بِغَيْرِهِ مِنَ الأُصُولِ المَذْكُورَةِ.
- قَالَ ﵀ مُبَيِّنًا تَمَسُّكَ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ، وَاعْتِمَادَهُمْ عَلَيْهَا فِي الأَحْكَامِ: "وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: كَانَ مَكْحُولٌ يَتَوَضَّأُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، فَلَقِيَ عَطَاءَ بِنَ أَبِي رَبَاحٍ؛ فَأَخْبَرهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ﵁ أَكَلَ كَتِفًا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، فَتَرَكَ مَكْحُولٌ الوُضُوءَ، وَقَالَ: لَأَنْ يَقَعَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُخَالِفَ رَسُولَ اللهِ ﷺ" (١).
- وَقَرَّرَ الاحْتِجَاجَ بِفِعْلِ الصَّحَابِيِّ فِي مَسْأَلَةِ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ فِي الحَضَرِ، فَقَالَ ﵀: "حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ فِي المَسْحِ كَانَ فِي السَّفَرِ، وَاسْتِعْمَالُ جَرِيرٍ لَهُ فِي الحَضَرِ، وَلَمْ يَنْسَخْهُ شَيْءٌ" (٢).
- وَنَصَّ عَلَى أَنَّ الاخْتِيَارَ التَّمَسُّكُ بِتَفْسِيرِ الصَّحَابِيِّ رَاوِي الحَدِيثِ، فَقَالَ:
(١) (٢/ ٢١٩) من قسم التحقيق.(٢) (٢/ ٢١٥) من قسم التحقيق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute