العُلَمَاءِ: هَذَا لَيْسَ بِاسْتَثنَاءِ، لِأَنَّ الاِسْتِثْنَاءَ هُوَ مَا لَوْ لَمْ يُذْكَر كَانَ الْمُسْتَثْنَى دَاخِلًا فِي جُمْلَة الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، مِثْلَ قَوْلِهِ: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ (١).
وَفِي هَذِهِ الآيَةِ لَمْ يَسْتَثْنِ التِّجَارَةَ فَلَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ اللَّفْظِ الأَوَّلِ، لِأَنَّ أَكْلَ الْمَالِ بِالبَاطِلِ لَا تَدْخُلُ [تَحْتَهُ] (٢) التِّجَارَةُ، وَإِنَّمَا هَذَا ابْتِدَاءُ كَلَامٍ، فَتَقْدِيرُهُ: لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ، لَكِنْ كُلُوهُ بِتِجَارَةٍ.
قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ (٣): هُوَ اسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَالاِسْتِثْنَاءُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْجِنْسِ، وَاسْتِثْنَاءٌ مِنْ غَيْرِ الجنسِ.
فَأَمَّا الاسْتِثْنَاءُ مِنَ الجِنْسِ، نَحْو قَوْلِهِ: (مَا جَاءَنِي أَحَدٌ إِلَّا زَيدٌ).
وَأَمَّا (٤) الاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الجِنْسِ نَحْوُ قَوْلِهِ: (مَا جَاءَنِي أَحَدٌ إِلَّا حِمَارًا)، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي صِحَّةِ هَذَا الاسْتِثْنَاءِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي إِعْرَابِهِ (٥):
فَعَلَى لُغَةِ أَهْلِ الحِجَازِ إِذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الجِنْسِ فَإِعْرَابُهُ بِالنَّصْبِ.
(١) التوبة، الآية (٠٥).(٢) في المخطوط: (تحت)، والمثبت يقتضيه سياق الكلام.(٣) ينظر في إعراب هذه الآية: مُشكِل إعراب القرآن لمكِي بن أبي طالب (١/ ١٩٦)، والبحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٢٤١)، والمحرر الوجيز لابن عطِيَّة الأندلسي (٢/ ٤٩)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٥/ ٥١).(٤) في المخطوط (وَعن)، وهُو خَطأ، والصَّوابُ مَا أَثْبَتّه.(٥) ينظر: الكتاب لسيبويه (٢/ ٣٢٢)، والإنصاف لابن جني (١/ ٢٧١)، وأوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك لابن هشام (٢/ ٢٦١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute