* ومن جهة أخرى، فقد يتمادى به الأمر حتى يقع في الكفر، حينما يسبُّ ربه، لأجل قَدَره، ولذلك نبّه المؤلف على هذا.
المسألة الثانية: منزلة الصبر في دين الإسلام عظيمة، قال الإمام أحمد: ذكره الله في تسعين موضعًا من كتابه، وفي الحديث:«مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ»(١).
• واعلم أن الصبر ثلاثة أنواع:
١ - على طاعة الله. ٢ - عن معصية الله. ٣ - على أقداره.
والمراد هنا الثالث، وتعريفه: حبسُ النفسِ عن الجزع، وحبسُ اللسان عن التشكي والتسخط، والجوارحِ عن لطم الخدود وشق الجيوب ونحوهما.
المسألة الثالثة: للإنسان مع الصبر على الأقدار أربعة أحوال: السخط، الصبر، الرضا، الشكر.
فالصبر واجب، والرضا مستحب، وأرفع منه الشكر، وأما التسخط فمحرم، ودلّ على ذلك حديث أبي هريرة ﵁:«اِثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ»(٢).
وحديث ابن مسعود ﵁ مرفوعًا:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ» وقد ورد في الباب أفعالٌ من التسخط ومما لا يجوز عند المعصية، وهي:
١. النياحة على الميت، والنَوح أصله التناوح وهو التقابل، ثم استعمل في
(١) أخرجه البخاري (١٤٦٩)، ومسلم (١٠٥٣) من حديث أبي سعيد الخدري. (٢) أخرجه مسلم (٦٧).