المسألة الأولى: بوب المصنّف للباب بمن سبّ الدهر فقد آذى الله، ومتقررٌ أنَّ العباد لا يملكون أن يضرّوا الله بشيء، وفي الصحيح:«يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّوني … »(١).
ولفظ الأذى في اللغة: هو لِما خفَّ أَمْرُه وضَعُفَ أثرُه من الشرِّ والمكروه، وهو بخلاف الضُرّ، فقد أخبر سبحانه أنَّ العباد لا يضرّونه، لكن يؤذونه إذا سبوا مقلب الأمور.
والمراد بهذا الباب: النهي عن سبِّ الدهر، وهذا أمرٌ كان موجودًا عند أهل الجاهلية، يقول أحدهم: أصابتهُ قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، ويا خيبة الدهر، ويقع نحو هذا كثيرًا على ألسنة الشعراء.
والدهر: هو الزمنُ والوقت، وسَبُّهُ: بتنقّصه وشتمِه ولعنِه ونسبةِ الشرِّ إليه، وهو درجاتٌ، أعلاها لعنُ الدهر.
فإن قيل: ما هو السبُّ، وما حدّه؟
* فالجواب: أنَّه يرجع فيه إلى العرف، قال ابن تيمية:«يُرجع في الأذى والشتم إلى العرف، فما عدّه أهلُ العُرفِ سَبًّا أو انتقاصًا أو عيبًا أو طعنًا، ونحو ذلك، فهو من السبّ»(٢).
المسألة الثانية: علاقة الباب بالتوحيد: أنَّ سبّ الدهر ينافي كمال التوحيد؛ لأنَّ فيه أذيّة لله، حيث أنَّه في الحقيقة سب للمتصرف في الدهر وهو الله.
المسألة الثالثة: سبُّ الدهرِ له ثلاث حالات:
١) أن يسبّ الدهر على أنَّه هو الفاعل: فهذا شرك أكبر؛ لأنَّه اعتقد أنَّ مع
(١) أخرجه مسلم (٢٥٧٧). (٢) الصارم المسلول، لابن تيمية (٥٣١).