أرى أن أمكّن منها ذمّيا غيرة على كتاب الله- عزّ وجلّ- وخشية له [١] .
قال: فاتفق أن غنّت جارية بحضرة الواثق بقول العرجيّ:
أظلوم إن مصابكم رجلا ... أهدى السّلام تحية ظلم [٢]
فاختلف من بالحضرة في إعراب رجلا [٣] فمنهم من نصبه وجعله اسم «إن» ومنهم من رفعه على أنه خبرها، والجارية مصرّة على أن شيخها أبا عثمان المازني لقنها إياه بالنصب، فأمر الواثق بإشخاصه.
قال أبو عثمان: فلما مثلت بين يديه قال: ممن الرجل؟ قلت: من بني مازن. قال: أيّ الموازن؟ أمازن تميم، أم مازن قيس، أم مازن ربيعة؟ فقلت:
من مازن ربيعة، فكلمني بكلام قومي، وقال باسمك [٤] ، لأنهم يقلبون الميم باء والباء ميما، فكرهت أن أجيبه على لغة قومي لئلا أواجهه بالمكر، فقلت: بكر يا أمير المؤمنين، ففطن لما قصدته، وأعجب [٥] به ثم قال: ما تقول في قول الشاعر:
أظلوم إن مصابكم رجلا»
البيت.
أترفع رجلا أم تنصبه؟ فقلت: بل الوجه النصب يا أمير المؤمنين، فقال: ولم ذلك [٦] ؟ فقلت: هو بمنزلة قولك: إن ضربك زيدا ظلم، فالرجل مفعول مصابكم وهو منصوب به، والدليل عليه أن الكلام معلق إلى أن تقول [٧] : ظلم، فاستحسنه الواثق وقال: هل لك من ولد؟ قلت: نعم يا أمير
[١] في «وفيات الأعيان» : «وحميّة له» . [٢] البيت في «ديوان العرجي» ص (١٩٣) . كما ذكر الدكتور إحسان عباس في تعليقه على «الوفيات» . [٣] في الأصل: «رجل» وأثبت ما في المطبوع وهو موافق لما في «وفيات الأعيان» . [٤] في الأصل، والمطبوع: «باأسبك» والتصحيح من «وفيات الأعيان» . [٥] في الأصل: «وتعجب» وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب. [٦] في المطبوع: «ولما ذاك» ، وفي الأصل: «ولما ذلك» وما أثبته من «وفيات الأعيان» . [٧] في الأصل، والمطبوع: «إلى أن يقول» ، والتصحيح من «وفيات الأعيان» .