ثم يخبره سبحانه مرة أخرى عن حقيقة هؤلاء مسليًا نبيه .. طاردًا ذلك الوجوم الذي يخيم عليه من تكذيب قوله: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (٣١) وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٣٢) قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤) وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (١). ولو جمعهم سبحانه وأرغمهم على الهدى لسلب منهم الحرية والإرادة .. كما سلبها من سائر المخلوقات .. لكنه فضلهم وكرمهم بهذه الإرادة فهم يختارون طريقهم .. وسيحاسبون عليه .. لأنهم حملوا الأمانة التي عجزت عنها السماوات والأرض والجبال .. وهي الإرادة .. هذه الحيوانات ستصير يوم القيامة ترابًا لأنها مسلوبة الإرادة .. إنها جزء من هذا الكون المسخر للإنسان .. المعجون لابن آدم يتصرف فيه كيف يشاء .. ثم يحاسب في نهاية المطاف على تصرفه ذلك .. وهنا تنتصب الحقيقة ماثلة أمام الجميع: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} (٢).
[مجاعة في مكة]
حالة واحدة تخضع فيها قريش للحق .. هي البطش .. ونزع الحرية
(١) سورة الأنعام: الآيات ٣٣ - ٣٥.(٢) سورة الأنعام: الآية ٣٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute