والاختيار منهم .. عندما يذوقون العذاب تتوه منهم إرادتهم .. عندها ينحنون للحق معلنين التوبة والإنابة. يقول سبحانه:{قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(١).
لقد حدث ذلك من قريش كما أخبر سبحانه .. تنازلوا عن كل شيء .. ودسوا جباههم في التراب وانحنوا جوعًا وخوفًا وهزالًا .. حدث ذلك عندما (دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشًا إلى الإِسلام فابطأوا عليه، فقال - صلى الله عليه وسلم -:
اللَّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف (٢). فأخذتهم سنة فحصت كل شيء حتى أكلوا الميتة والجلود، حتى جعل الرجل يرى بينه وبين السماء دخانًا من الجوع. قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٣).
[فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل: يا رسول الله استسق الله لمضر فإنها قد هلكت .. فاستسقى فلما أصابتهم الرفاهية عادو إلى حالهم]. ثم عادوا في كفرهم (٥).
ما أسرع نسيان قريش .. ويحهم أما تعلقوا بأستار الكعبة يوم ولد
(١) سورة الأنعام: الآية ٤٠. (٢) أي السبع العجاف التي مرت بقوم يوسف. (٣) سورة الدخان:١٠ - ١١. (٤) سورة الدخان: ١٢ - ١٥. (٥) حديث صحيح. رواه البخاري ٤/ ١٨٠٩ و ١٨٢٣.