ويلاحظ أن ابن حزم لا يسلم بأن غير الفأرة كالفأرة، ولا أن غير السمن كالسمن، بل يقول:«وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ لِغَيْرِ الفَأْرِ فِي غَيْرِ السَّمْنِ، وَلَا لِلْفَأْرِ فِي غَيْرِ السَّمْنِ، وَلَا لِغَيْرِ الفَأْرَةِ فِي السَّمْنِ - بِحُكْمِ الفَأْرِ فِي السَّمْنِ، لأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي غَيْرِ الفَأْرِ فِي السَّمْنِ»(٢).
ومما يصور أيضًا حرفيتهم ومغالاتهم في التمسك بالألفاظ - مذهبهم في ولوغ الكلب، فقد جاء في ذلك الحديث المشهور:«إِذَا وَلَغَ الكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ».
وقد فسر ابن حزم (الوُلُوغَ) بالشرب فقط، كما اشترط (الإِنَاءَ)
(١) انظر: تعليق الشيخ أحمد شاكر على " المحلى": ١/ ١٤٠؛ و" المجموع "، للنووي: ١/ ١١٨، ١١٩. (٢) " المحلى ": ١/ ١٤٢، وانظر رد ابن حزم على المشنعين عليه لغرائبه في النجاسات في " المحلى ": ١/ ١٥٧.