على الرغم من أن الأحاديث في ذلك مرسلة ومتكلم فيها، فقد أخذ بها جمهور الفقهاء ومنهم أبو حنيفة، وقد قال محمد بن الحسن بعد روايته للحديث في ذلك (*): «إِذَا رُفِعَ السَّارِقُ إِلَى الإِمَامِ أَوْ القَاذِفُ، فَوَهَبَ صَاحِبُ الحَدِّ حَدَّهُ، لَمْ يَنْبَغِ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَطِّلَ الحَدَّ، وَلَكِنَّهُ يُمْضِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا»(٢). لكن قد جاء في " الهداية " ما يؤكد اتهام ابن أبي شيبة، فإن صاحب " الهداية " يقول: «وَإِذَا قَضَى عَلَى رَجُلٍ بِالقَطْعِ فِي سَرِقَةٍ [فَوَهَبَهُ المَالِكُ أَوْ بَاعَهُ إيَّاهُ] لَمْ يُقْطَعْ - مَعْنَاهُ إذَا سُلِّمَتْ إِلَيْهِ -، [أَوْ بَاعَهُ إيَّاهُ لَمْ يُقْطَعْ] وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: يُقْطَعُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، [قَالُوا]: لأَنَّ السَّرِقَةَ قَدْ تَمَّتْ انْعِقَادًا وَظُهُورًا»(٣).
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]: (*) انظر " موطأ الإمام مالك " برواية محمد بن الحسن الشيباني، تعليق وتحقيق الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف، الطبعة الرابعة: ١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م، كِتَابُ السَّرِقَةِ (٣) بَابُ الرَّجُلِ يُسْرَقُ مِنْهُ الشَّيْءُ يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فَيَهَبُهُ السَّارِقَ بَعْدَمَا يَرْفَعُهُ إِلَى الإِمَامِ، ص ٢١٧، حديث رقم ٦٨٥، نشر وزارة الأوقاف، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - لجنة إحياء التراث. جمهورية مصر العربية. " التعليق الممجد على موطأ محمد " (شرح " موطأ الإمام مالك " برواية محمد بن الحسن)، لمحمد عبد الحي اللكنوي (ت ١٣٠٤ هـ)، تعليق وتحقيق الدكتور تقي الدين الندوي، ٣/ ٥٨، الطبعة الرابعة: ١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م، دار القلم - دمشق.