وقد سئل الإمام أحمد: كيف لا تجعل الآكل والشارب عمدًا في رمضان، مثل من أصاب أهله؟ فأجاب:«أَنَا أَجْعَلُهُ؟ لَيْسَ فِي حَدِيثٍ. كَيْفَ أُوجِبُ عَلَيْهِ بِالأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَفَّارَةً، وَإِنَّمَا أَوْجَبَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - بِالجِمَاعِ؟ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ كُلُّهَا مَعْصِيَةٌ، فَلَا يُشْبِهُ الأَكْلَ وَالشُّرْبَ بِالجِمَاعِ، فِي الجِمَاعِ يُرْجَمُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الغُسْلُ وَمَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ»(١) وبقول أحمد قال أهل الظاهر (٢).
٧ - حُكْمُ الكِتَابَةِ:
قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}[النور: ٣٣].
وبناء على ما أمرت به هذه الآية من مكاتبة العبد إذا رغب العبد في ذلك وكان يستطيع الوفاء بالكتابة - مال البخاري إلى وجوب الكتابة، كما يفهم من ترجمته (٣): (بَابُ المُكَاتِبِ، وَنُجُومِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ نَجْمٌ، وَقَوْلِهِ:{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا، وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}[النور: ٣٣] وَقَالَ رَوْحٌ: عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَوَاجِبٌ عَلَيَّ إِذَا عَلِمْتُ لَهُ مَالاً، أَنْ أُكَاتِبَهُ؟ قَالَ:«مَا أُرَاهُ إِلَّا وَاجِبًا». وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: تَأْثُرُهُ عَنْ أَحَدٍ؟، قَالَ:«لَا» ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنَّ مُوسَى بْنَ أَنَسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ سِيرِينَ، سَأَلَ أَنَسًا، المُكَاتَبَةَ - وَكَانَ كَثِيرَ المَالِ - فَأَبَى، فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَقَالَ:" كَاتِبْهُ " فَأَبَى، فَضَرَبَهُ
(١) " مسائل أحمد وإسحاق ": ١/ ١٢٣، ١٢٤. (٢) انظر " بداية المجتهد ": ١/ ٢١١، ٢١٢. (٣) " البخاري بحاشية السندي ": ٢/ ٥٣، والآية في سورة النور ٣٣. والمكاتبة هي اتفاق السيد مع عبده، على أن يدفع العبد مقدارًا معينًا من المال على أقساط في نظير حريته، ولها أركان وشروط، انظرها في " بداية المجتهد ": ٢/ ٣١٢، ٣١٧.