أما الدارمي فإنه كثيرًا ما يروي في الباب عن علماء التابعين وتابعيهم بأسانيده إليهم آراءهم في المسائل المختلفة (١)، كما يصرح كثيرًا برأيه في تعقيبه على الأحاديث، كقوله بعد أن روى عن عطاء رأيه في حكم المستحاضة: «قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - الدارمي -: " الأَقْرَاءُ عِنْدِي: الحَيْضُ "» (٢).
وقد روى عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّ الضَّبُعَ صَيْدٌ»، وأن فيه كبشًا إذا أصابه المحرم، وأن أكله حلال، ثم جاء بعد ذلك: قِيلَ لأَبِي مُحَمَّدٍ: «مَا تَقُولُ فِي الضَّبُعِ تَأْكُلُهُ؟» قَالَ: «أَنَا أَكْرَهُ أَكْلَهُ»(٤).
وقد روى عن الثوري ما يفيد أن «الكُدْرَةُ وَالصُّفْرَةُ فِي أَيَّامِ الحَيْضِ حَيْضٌ، [وَكُلُّ شَيْءٍ رَأَتْهُ بَعْدَ أَيَّامِ الحَيْضِ مِنْ دَمٍ أَوْ كُدْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ،] فَهِيَ [مُسْتَحَاضَةٌ]» ثم «سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ (*) تَأْخُذُ بِقَوْلِ سُفْيَانَ (**)؟ قَالَ: " نَعَمْ "» (٥).
وبعد أن روى حديث المسح على الخفين والعمامة، قِيلَ لَهُ: تَأْخُذُ بِهِ؟ قَالَ:«إِيْ وَاللَّه»(٦).
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]: (*) عبد الله: هو الإمام الدارمي. (**) سفيان: هو الثوري، انظر " السنن "، الدارمي (ت ٢٥٥ هـ)، تحقيق حسين سليم أسد الداراني، حديث رقم ٨٨٧، ١/ ٦٣٢، الطبعة الأولى: ١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م، دار المغني للنشر والتوزيع - المملكة العربية السعودية.