فأخذ ثياب عمر، فقال له:"كذبتني وظلمتني"، ولهزه١، فوثب المسلمون إليه: يا عدوّ الله، لهزت أمير المؤمنين، فأخذ عمر رضي الله عنه ثياب أبي فجره لا يملك من نفسه شيئاً وكان شديداً فانتهى إلى قصاب، فقال:"عزمت عليك أو أقسمت عليك لتعطين هذا حقّه، وأهبك ربحي"، وكان عمر باع الغنم منه، فقال:"يا أمير المؤمنين لا، ولكن أعطي هذا حقّه، وأهبك ربحك"، فأخرج حقّه، فأعطاه، فقال له عمر:"استوفيت؟ "، فقال:"نعم"، فقال عمر رضي الله عنه "بقي حقنا عليك لهزتك التي لهزتني، قد تركتها لله عزوجل ولك"، قال أصبغ: فكأني أنظر إلى عمر أخذ ربحه لحماً فعلقه في يده، وفي يده اليمنى الدّرّة يدور في الأسواق حتى دخل رحله"٢.
وعن الحسن٣ رضي الله عنه قال: "خرج عمر رضي الله عنه في يوم حار واضعاً رداءه على رأسه، فمرّ به غلامٌ على حمار، فقال:"يا غلام احمِلني معك"، قال:"فوثب الغلام عن الحمار فقال: "اركب يا أمير المؤمنين"، فقال: "لا أركب، وأركب خلفك، تريد أن تحملني على المكان الخشن، وتركب على المكان الموطأ٤، ولكن اركب أنت، وأكون أنا خلفك". قال: فدخل المدينة وهو خلفه،
١ لَهَزَهُ: ضربه بجُمعه في لهازمه ورقبته. (لسان العرب ٥/٤٠٧) . ٢ ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص ٢٥٠، وابن الجوزي: مناقب ص ١٥٦، وفيه أصبغ ابن نباتة وهو متروك. ٣ البصري. ٤ في تاريخ دمشق وكنْز العمال: " تريد أن تحملني على المكان الواطي وتركب أنت على الموضع الخشن".