من مسائله إلا بالدليل الصحيح من كتاب الله وسنة النبي ﷺ، فلا يَصلُح أن يستدل في هذا الباب - ولا في غيره من أبواب الدين - بالرأي المجرد والأهواء والظنون.
والدليل الصحيح يتضمن شيئين:
الأول: صحة الدليل من جهة النقل؛ فكما يُمنع الاستدلال بالرأي المجرد والهوى؛ فكذلك يُمنع الاستدلال بما لم يثبُت من الأحاديث.
الثاني: صحة الاستدلال، فلربما صح الدليل نقلًا، ولكن الاستدلال به غير صحيح.
ومن الآثار عن السلف في توقيف باب القدر:
- قول طاووس ﵀:"اجتنبوا الكلام في القدر؛ فإن المتكلمين فيه يقولون بغير علم"(١).
فقوله ﵀:"اجتنبوا الكلام في القدر": أي الكلام بمجرد الرأي بلا علم، لأنه علل ذلك بعدُ بقوله:"فإن المتكلمين فيه يقولون بغير علم"، ومراده: لا تكونوا كالذين يتكلمون في القدر بظنون وأوهام، لأن الكلام فيه لا يجوز إلا بعلم.
- قول القاسم بن محمد ﵀ لما مرَّ بقوم يذكرون القدر -: "تكلموا فيما سمعتم الله ذَكَر في كتابه، وكُفُّوا عما كّفَّ الله عنه"(٢).
ومقصوده - والله أعلم - أن الواجب ألا يتكلم أحد في القدر من عنده،
(١) رواه ابن بطة (٢/ ٢١٤)، رقم (١٧٧٤). (٢) رواه الهروي في ذم الكلام وأهله (٤/ ٦٧)، رقم (٨٠٢).