الجَبْلُ في اللغة مأخوذ من مادة (جَبَل)، يقال: جَبَل الله الخلق يجبُلهم جَبْلًا، أي: خلقهم، وجُبل الإنسان على هذا الأمر أي طُبع عليه، وجِبِلَّة الشيء: طبيعته وأصله وما بُني عليه (١).
وهذا المعنى اللغوي هو المراد في لسان الشرع، فمعنى جبْل الله ﷾ للعباد: خلْقُهم؛ ذواتهم وأفعالهم، وما أودعه في نفوسهم من طبائع وصفات.
لكن المقصود في هذه القاعدة شيء خاصٌّ من هذا العموم، وهو خلق الله ﷿ لإرادات عباده من إيمان وكفر، وطاعة ومعصية.
وأما خلق الأفعال فسيأتي الكلام عليه مفصَّلًا في قاعدةٍ مستقلةٍ.
وسبب الكلام في هذه المسألة عند الأئمة ﵏ هو أن القدرية - الذين أنكروا أن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وأنه ﷾ هو خالق أفعال العباد - ألزموا مخالفيهم بالقول بأن الله ﷾ يجبر العباد على أفعالهم، فالتزم بعض من ناظرهم من أهل السنة إطلاق الجبر في حق الله ﷿، ونفاه بعضهم وأطلقوا أن الله ﷾ لا يجبر العباد على أفعالهم، فأنكر الأئمة - كما سيأتي - ذلك على الطائفتين (٢).
وأصل الجواب في هذه المسألة هو أن لفظ (الجبر) لفظ مجمل، يراد به
= ورواه بدون لفظ الشاهد: مسلم من حديث ابن عباس ﵄ ح (٢٥)، ومن حديث أبي سعيد الخدري ﵁ ح (٢٦). (١) انظر: تهذيب اللغة (١١/ ٩٥)، لسان العرب (٥/ ١٠٢)، مادة: (جَبَل). (٢) انظر: درء التعارض (١/ ٢٥٤).