[المطلب الأول: تفصيل القول في هذه القاعدة]
المسألة الأولى: تقرير كونها قاعدة من كلام أهل العلم.
قال شيخ الإسلام ﵀: «وللعباد قدرة على أعمالهم ولهم إرادة» (١).
وقال ﵀: «أهل السنة يقولون: إن العبد له مشيئة وقدرة وإرادة، وهو فاعل لفعله حقيقة» (٢).
وقال ﵀: «ويؤمنون [أي: أهل السنة والجماعة] أن العبد له قدرة ومشيئة وعمل، وأنه مختار» (٣).
وقال مرعي الكرمي: «فإن العبد له قدرة وإرادة وفعل حقيقة، يقدر به على فعل ما كلف به وعلى تركه» (٤).] [*]
[المسألة الثانية: الأدلة على القاعدة.]
دل الكتاب والسنة والإجماع على هذه القاعدة.
أما الكتاب والسنة؛ فقد دلَّا عليها في مواطن كثيرة، ويمكن تقسيم دلالتهما إلى أنواع:
الأول: الآيات والأحاديث الصريحة في إثبات قدرة العبد ومشيئته، كقوله تعالى: ﴿وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ﴾ [القلم: ٢٥]، أي: ذوي قدرة، كما أُثر عن ابن عباس ﵁، وأُثر نحوه عن مجاهد وقتادة وابن زيد ﵏ (٥).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ [المائدة: ٣٤].
وقوله تعالى: ﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ﴾. . . إلى أن قال: ﴿وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا﴾ [الفتح: ٢٠ - ٢١]، فأثبت قدرتهم على الأولى، ونفاها عن الثانية.
ومنه الآيات والأحاديث المصرحة بإثبات القوة للعبد، كقوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً﴾ [الروم: ٥٤]، وقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ﴾ [غافر: ٢١]، وقوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ﴾ [محمد: ١٣].
وقوله ﷺ للمستحاضة: (وإن قويت على أن تؤخري الظهر
(١) مجموع الفتاوى (٣/ ١٥٠).
(٢) المصدر السابق (١٢/ ٣٣١).
(٢) المصدر السابق (٣/ ٣٧٤).
(٤) رفع الشبهة والغرر (٥٠).
(٥) روى هذه الآثار ابن جرير (٢٣/ ١٧٦ - ١٧٧).
[*] تعليق الشاملة: سقطت هذه المسألة من المطبوع، فأضفناها من أصل الرسالة العلمية.