والخوض في كُنْه حقيقته خوض في كُنْه حقيقة صفات الله ﷾؛ لأن مبناه على صفات الله: العلم والمشيئة والخلق والحكمة وغيرها.
فإذا لم يمكنا الاطلاع على علم الله ﷾ ومشيئته وخلقه وحكمته فكيف يمكننا الاطلاع على القدر؟
قال علي بن المديني ﵀:"وقال لي عبد الرحمن بن مهدي: العلم والقدر والكتاب سواء، ثم عرضت كلام عبد الرحمن هذا على يحيى بن سعيد فقال: لم يبقَ بعد هذا قليل ولا كثير"(١).
وهذا كلام متين جدًا، يظهر فيه ما اختص الله ﷾ به السلف من مزيد الفهم وعمق العلم وكثرة البركة في الكلام، فهذه الثلاثة من باب واحد، فإذا امتنع العلم بعلم الله وكتابته امتنع العلم بالقدر، لأن القدر مبناه عليهما - مع صفات أُخَر -.
وقال شيخ الإسلام ﵀ بعد كلامه السابق -: "والمقصود التنبيه على أن العقول تعجز عن إدراك كُنْه الغاية المقصودة بالأفعال، كما تعجز عن كُنْه إدراك حقيقة الفاعل"(٢).
والبحث في هذا الجانب هو البحث في تعليل أفعال الله ﷾ على التفصيل، أي تكلف البحث عن العلة فيما يقدره الله ﷾، وكونه أوجد وأفنى، وأفقر وأغنى، وأمات وأحيى، وأضل وهدى (٣)، ونحو ذلك.