الثاني: الممتنع عادة، فهذا جائز عندهم، وإن لم يقع بالاستقراء.
الثالث: ما لا يطاق لامتناعه في نفسه، فهذا التكليف به عندهم فرع تصوره، فمن تصوره منهم قال بجواز التكليف به، ومن لا؛ منع ذلك.
قال الجويني:"تكليف ما لا يطاق تكثر صوره، فمن صوره تكليف جمع الضدين، وإيقاع ما يخرج عن قبيل المقدورات، والصحيح عندنا أن ذلك جائز غير مستحيل"(١).
ومن أدلتهم على ذلك:
أولًا: قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ [البقرة: ٢٨٦]، فقد تضمنت الآية الاستعاذة من التكليف بما لا يطاق، فلو لم يكن ذلك ممكنًا؛ لما ساغت الاستعاذة منه (٢).
ثانيًا: أن الله قد كلف الكافر الذي مات على كفره بالإيمان مع علمه بأنه لا يؤمن، فهو مكلف بفعل الإيمان مقارنًا للعلم بعدم الإيمان، وهذا تكليف بما لا يطاق (٣).
ثالثًا: أن القدرة على الكفر والإرادة له من خلق الله سبحانه، ومجموعهما يوجب الكفر، فإذا كلفه بالإيمان فقد كلفه بما لا يطاق (٤).
(١) الإرشاد (٢٢٦). (٢) انظر: الإرشاد (٢٢٨)، والتمهيد (٣٣٣). (٣) انظر: أصول الدين (٩١). (٤) انظر: أصول الدين (٩١).