النوازل والأحكام، ألا ترى إلى قول أبي عبيدة لعمر رحمهما الله تعالى: تفر من قدر الله؟ فقال: نعم أفِرُّ من قدر الله إلى قدر الله، ثم قال له: أرأيت، فقايسه وناظره بما يشبه في مسألته" (١).
- ويدل عليه كذلك: ما رواه مسلم عن أبي الأسود الدِّئَلي قال: "قال لي عمران بن الحصين: أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قُضي عليهم ومضى عليهم من قدر ما سبق؟ أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقلت: بل شيء قضي عليهم ومضى عليهم، قال فقال: أفلا يكون ظلمًا؟ قال: ففزعت من ذلك فزعًا شديدًا وقلت كل شيء خلق الله وملك يده، فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فقال لي: يرحمك الله! إني لم أرد بما سألتك إلا لأحزُر عقلك، إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله ﷺ". . . الحديث (٢).
ففي هذا الحديث يناظر عمران ﵁ أبا الأسود ﵀ في هذا الباب ليعلمه، وليمتحن عقله وفهمه.
قال القاضي عياض ﵀: "وفيه جواز كلام أهل العلم في هذا الباب، وتحاججهم ومناظرتهم لإظهار الحجج، لا للجدل، والمراد المغالبة (٣) " (٤).
(١) التمهيد (٨/ ٣٦٨). (٢) رواه مسلم: كتاب القدر، باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته (٤/ ٢٠٤١) ح (٢٦٥٠). (٣) كذا في المطبوع، ولعل الصواب: "ومراد المغالبة". (٤) إكمال المعلم (٨/ ١٣٥).