أولًا: أن إثبات الحكمة في أفعاله سبحانه يستلزم أن يكون مستكملًا بغيره، إذ من فعل فعلًا لتحصيل منفعة أو دفع مضرة؛ إما أن يكون تحصيل تلك المنفعة أو دفع المضرة أولى له من عدمه أو لا، فإن كان الأول؛ كان ناقصًا بذاته مستكملًا بغيره، وإن كان الثاني؛ بطل التعليل إذ لا رجحان حينئذ (١).
ثانيًا: أنه لو كان الله سبحانه قد خلق لعلة؛ فإن هذه العلة لا تخلو عن أن تكون قديمة أو محدثة، فإن كانت قديمة؛ وجب قدم الخلق لقدم علته، وإن كانت محدثة؛ فلا يخلو: إما أن يكون الله أحدثها لعلة أو لا، فإن كان الثاني بطل القول بالتعليل، وإن كان الأول فالقول فيها كالقول في العلة الأولى، فيلزم التسلسل (٢).
ثالثًا: أن كل غرض يفرض أن الله سبحانه يفعل الفعل لأجله، فهو سبحانه قادر على إيجاده ابتداءً فيكون توسيط ذلك الفعل عبثًا، وهو محال (٣).
كما ادعوا أن اللام في مثل قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦] هي لام العاقبة والصيرورة، وليست لام التعليل.
قال الشهرستاني: "وأما الآيات في مثل ﴿وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [الجاثية: ٢٢] فهي لام المآل وصيرورة الأمر وصيرورة العاقبة، لا لام التعليل،