فما فارق ﷺ الدنيا إلا وقد بيَّن لأمته كل ما تحتاجه في كل باب من أبواب الدين، وقرَّر هذا ﷺ قولًا في مواطن، منها قوله ﷺ:(قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك)(١)، وقوله ﷺ:(ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بُيِّن لكم)(٢).
وقد تقرر هذا الأصل في كلام الصحابة ﵃، ومن ذلك قول سلمان الفارسي ﵃ لما قيل له: قد علمكم نبيكم ﷺ كل شيء حتى الخراءة؟ فقال:"أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقلّ من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم"(٣)، وقول أبي ذر ﵁:"تركَنَا رسولُ الله ﷺ وما طائرٌ يطير بجناحيه إلا عندنا منه علم"(٤).
وكمال الدين شاملٌ له كله، عقائده وشرائعه.
ومن ذلكم باب القدر، فقد بيَّنه الله ورسوله أعظم البيان، وأوضحاه
(١) أخرجه أحمد (٢٨/ ٣٦٧) ح (١٧١٤٢)، وابن ماجه: المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين (١/ ١٦) ح (٤٣)، والحاكم (١/ ١٧٥) ح (٣٣١)، وصححه الألباني في الصحيحة ح (٩٣٧). (٢) أخرجه الطبراني (٢/ ١٥٥) ح (١٦٤٨)، وصححه الألباني في الصحيحة ح (١٨٠٣). (٣) أخرجه مسلم: كتاب الطهارة، باب الاستطابة (١/ ٢٢٣) ح (٢٦٢). (٤) أخرجه ابن حبان: كتاب العلم، باب الزجر عن كتبة المرء السنن مخافة أن يتكل عليها دون الحفظ لها (١/ ٢٦٧) ح (٦٥)، والطبراني (٢/ ١٥٥) ح (١٦٤٨)، وصححه الألباني في الصحيحة ح (١٨٠٣).