وقد دل على تنزه الله ﷾ عن الظلم - مع الإجماع - الكتاب والسنة والعقل.
وقد تقدمت دلالة الكتاب والسنة على ذلك، وأما دلالة العقل، فمن وجوه:
الأول: أن الظلم نقص وعيب بإجماع العقلاء من جميع الأمم، والله ﷾ منزه عن النقص، فوجب أن يكون الله ﷾ منزهًا عن الظلم.
الثاني: أن العدل - وهو نقيض الظلم - صفة كمال ومدح، فوجب أن يكون الله ﷿ متصفًا بها؛ لأنه أحق وأولى بكل كمال (١).
الثالث: أن الظلم شر بالإجماع، والشر ليس إليه ﷾، كما أخبر النبي ﷺ بذلك (٢).
الرابع: أن الله ﷾ سمى ووصف نفسه بما يدل على تنَزُّهه عن الظلم.
ومن ذلك: تسميته نفسه بالحكم والحاكم والحكيم، ووصف نفسه بالحكمة.
وأصل الحكم: المنع، وأوّل ذلك الحُكْم بمعنى المَنْع من الظُّلْم، ومن هنا قيل للحاكم بين الناس حاكم: لأنه يمنع الظالم من الظلم، والحكومة: رد الرجل عن الظلم (٣).
(١) انظر ما تقدم ص (١٥٥). (٢) انظر: جامع الرسائل (١/ ١٢٦)، والحديث المشار إليه رواه مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (١/ ١٣٤) ح (٧٧١) من حديث علي ﵁. (٣) انظر: تهذيب اللغة (٤/ ١١٠)، ومقاييس اللغة (٢/ ٩١)، مادة: (حكَم).