المسألة الأولى: معنى الظلم الذي حرمه الله على نفسه.
تفسير أهل السنة والجماعة للظلم موافق للسان العربي الذي نزل به القرآن العزيز، فيقولون: الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، ويفسرون الظلم المنفي عن الله ﷾ بما يرجع إلى هذا المعنى، ولهم في تفسيره أقوال، وهذه الأقوال هي في الحقيقة صور الظلم الممكن وقوعها، وهي:
الأول: أن ينقص من حسنات العامل، أو يزاد عليه من سيئات غيره.
وقد جاء نفي هذا الظلم في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا﴾ [طه: ١١٢]، لا يخاف ظلمًا: بأن يحمل من سيئات غيره، ولا هضمًا: بأن يبخس شيئًا من حسناته.
قال ابن عباس ﵄:"لا يخاف ابن آدم يوم القيامة أن يظلم فيزاد عليه في سيئاته، ولا يظلم فيهضم في حسناته"(١)، وجاء هذا التفسير عن عدد من السلف: مجاهد وقتادة والحسن رحمهم الله تعالى (٢).
الثاني: عقوبة من لم يذنب.
وقد جاء نفي هذا الظلم في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (٣٠) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ﴾ [غافر: ٣٠، ٣١]، يبين لهم هذا المؤمن أن هذا العقاب لم يكن ظلما منه ﷾ لهم بغير جرم اجترموه بينهم وبينه، لأنه لا يريد ظلم عباده، ولكنه
(١) رواه ابن جرير (١٦/ ١٧٦). (٢) انظر: المصدر السابق (١٦/ ١٧٦ - ١٧٧).