قال ابن عبد البر ﵀:"وقال آخرون: الفطرة ههنا الإسلام، قالوا: وهو المعروف عند عامة السلف من أهل العلم بالتأويل، قد أجمعوا في قول الله ﷿: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ على أن قالوا: فطرة الله: دين الله الإسلام"(١).
ومما نقل عنهم في ذلك: أبو هريرة فقد كان يقول عقب رواية الحديث: "واقرؤوا إن شئتم: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ "(٢).
ومن ذلك أيضًا: تفسير الزهري ﵀ كما روى البخاري عنه (٣) أنه قال: "يصلى على كل مولود متوفى، وإن كان لِغِيَّة (٤)، من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام، يدعي أبواه الإسلام أو أبوه خاصة - وإن كانت أمه على غير الإسلام - إذا استهل صارخًا يصلى عليه، ولا يصلى على من لا يستهل من
(١) التمهيد (١٨/ ٧٢). (٢) انظر: صحيح البخاري (٢/ ٩٥)، وصحيح مسلم (٤/ ٢٠٤٧)، وتقدم ص (٢٨٧). (٣) كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه وهل يعرض على الصبي الإسلام (٢/ ٩٤) ح (١٣٥٨). (٤) قال الحافظ ﵀ في الفتح (٣/ ٢٢١): "بكسر اللام والمعجمة وتشديد التحتانية، أي: من زنا، ومراده أنه يصلى على ولد الزنا، ولا يمنع ذلك من الصلاة عليه لأنه محكوم بإسلامه تبعًا لأمه، وكذلك من كان أبوه مسلمًا دون أمه".