والمسموع، ولا يلزم من العلم بالشيء رؤيته وسماعه؛ لأن الرؤية والسماع إنما يتعلقان بالموجود، والعلم أعم منهما؛ فإنه يتعلق بالمعدوم والموجود (١).
فالشاهد أنه ﷾ أخبر بحصول الرؤية والسماع بعد الوقوع؛ فيلزم منه حصول علم به بعد الوقوع هو غير العلم السابق.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن في تفسير: ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ﴾ خمسة أقوال (٢):
الأول: إلا ليعلم رسولي وحزبي وأوليائي؛ على عادة العرب في إضافة ما فعلته أتباع الرئيس إلى الرئيس، وما فُعل بهم إليه، وهو اختيار ابن جرير ﵀.
الثاني: إلا لنميز أهل اليقين.
الثالث: إلا لنرى. وهذا والذي قبله رويا عن ابن عباس ﵄.
الرابع: إلا لنبين لكم أنا نعلم.
الخامس: إلا لتعلموا أنتم، إذ كنتم جهالًا به قبل أن يكون، فأضاف العلم إلى نفسه، على وجه الترفق بعباده، واستمالتهم إلى طاعته.
والأقوال: الثاني والثالث والرابع متقاربة؛ إذ مرجعهما إلى إظهار العلم السابق بالشيء (٣)، وكذا الأول والخامس مرجعهما إلى تأويله بعلم العباد.
فيتحصل من هذه الأقوال الخمسة قولان:
- أن المراد بذلك علم الظهور والوقوع، وهو اختيار ابن كثير ﵀(٤).
(١) انظر: تفسير ابن كثير (١٠/ ٤٩٣)، وتفسير الطبري (٢/ ٦٤٤). (٢) انظر: تفسير الطبري (٢/ ٦٤١ - ٦٤٥)، وزاد المسير (١/ ١٥٥). (٣) انظر: زاد المسير (١/ ١٥٥). (٤) انظر: تفسير ابن كثير (١٠/ ٤٩٣) و (١١/ ٢٨١) و (١٣/ ٨٠).