وردوا بدعتهم وأعظموا الشناعة عليهم، كما سيأتي الكلام على ذلك (١).
والمراتب الثلاثة الأخرى تدل على هذه المرتبة؛ فكتابة الله ﷾ للمقادير لم تكن ولا تكون إلا عن علم بما سيُكتب (٢)، وكذلك مشيئته ﷿ إنما تكون بعد علمه تعالى بهذا الذي سيشاؤه، وكذا خلقه ﷾ إنما يحصل بعد العلم بما سيخلق.
قال ابن أبي العز ﵀:"فإن حصول المخلوقات على ما فيها من غرائب الحكم؛ لا يُتصور إيجادها إلا من عالم قد سبق علمه على إيجادها، قال تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: ١٤] "(٣).
مرتبة الكتابة: وهي الإيمان بأن الله ﷾ قد كتب في اللوح المحفوظ كل شيء، فما من شيء صغير ولا كبير إلا وقد سُطِر في أم الكتاب.
وهذا شامل لما يقوله الرب ﷾ وما يفعله، وما يكون بقوله وفعله، وشامل أيضًا لمقتضى أسمائه وصفاته وآثارها؛ كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش أن رحمتي غلبت غضبي)(٤)(٥).
(١) انظر ما يأتي ص (١٢٤ و ١٥٧). (٢) انظر: شفاء العليل (١/ ١٣٣). (٣) شرح الطحاوية (٢/ ٣٥٣). (٤) رواه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قول الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُاْ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ (٤/ ١٠٤) ح (٣١٩١)، ومسلم: كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه (٤/ ٢١٠٧) ح (٢٧٥١). (٥) انظر: شفاء العليل (١/ ١٧٠).