٦٣٩- ولقد رأيت -والله- من أنفق عمره في العلم، إلى أن كبرت سنه، ثم تعدى الحدود، فهان عند الخلق، وكانوا لا يلتفتون إليه، مع غزارة علمه، وقوة مجاهدته.
ولقد رأيت من كان يراقب الله -عز وجل- في صبوته١ مع قصوره بالإضافة إلى ذلك العالم -فعظم الله قدره في القلوب، حتى علقته٢ النفوس، ووصفته بما يزيد على ما فيه من الخير.
ورأيت من كان يرى الاستقامة إذا استقام٣: فإذا زاغ، مال عنه اللطف. ولولا عموم الستر، وشمول رحمة الكريم، لافتضح هؤلاء المذكورون. غير أنه في الأغلب تأديب أو تلطب في العقاب، كما قيل:
ومن كان في سخطه مُحْسِنًا ... فَكَيْفَ يَكُوْنُ إِذَا مَا رَضِي
غير أن العدل لا يحابي، وحاكم الجزاء لا يجور، وما يضيع عند الأمين شيء.
١ صبوته: صباه. ٢ علقته: أحببته. ٣ أي: يرى التوفيق إذا أطاع ربه.