٢٠٢- تأملت جهاد النفس، فرأيته أعظم الجهاد، ورأيت خلقًا من العلماء والزهاد لا يفهمون معناه؛ لأن فيهم من منعها حظوظها على الإطلاق، وذلك غلط من وجهين:
أحدهما: أنه رب مانع لها شهوة أعطاها بالمنع أوفى منها، مثل أن يمنعها مباحًا، فيشتهر بمنعه إياها ذلك: فترضى النفس بالمنع؛ لأنها قد استبدلت به المدح.
وأخفى من ذلك أن يرى -بمنعه إياها ما منع- أنه قد فضل سواه ممن لم يمنعها ذلك. وهذه دقائق١ تحتاج إلى منقاش٢ فهم يخلصها.
والوجه الثاني: أننا قد كلفنا حفظها، ومن أسباب حفظها ميلها إلى الأشياء
١ في الأصل: دفائن. وهو تصحيف. ٢ المنقاش: الملقاط الذي تستخرج به الأشياء الدقيقة كالشوكة والشعرة ونحو ذلك. ومن المجاز: استخرجت هذا بالمنقاش: أي تعبت في استخراجه ومعرفته.