والمعصية موجبة للعقوبة؛ قال الله -تعالى-: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا} ١.
وأما قول من قال:"نحمله على الإباحة٢؛ لأنه اليقين" فهو باطل؛ فإن الأمر: استدعاء وطلب، والإباحة ليست طلبًا ولا استدعاء، بل إذن له وإطلاق.
وقد أبعد من جعل قوله:"افعل" مشتركًا بين الإباحة والتهديد، الذي هو: المنع وبين الاقتضاء؛ فإنا ندرك في وضع اللغات -كلها- قولهم:"افعل" و"لا تفعل" و"إن شئت فافعل" و"إن شئت فلا تفعل".
حتى لو قدرنا انتفاء القرائن كلها يسبق إلى الأفهام اختلاف معاني هذه الصيغ، ونعلم -قطعًا- أنها ليست أسامي مترادفة على معنى واحد، كما ندرك التفرقة بين قولهم:"قام" و"يقوم" في: أن هذا ماض، وذاك مستقبل، وهذا أمر يعلم ضرورة، ولا يشككنا فيه إطلاق مع قرينة التهديد.
وبالطريق الذي نعرف فإنه لم يوضع للتهديد: فعلم أنه لم يوضع للتخيير.
وقول من قال:"هو للندب؛ لأنه اليقين"٣: لايصح لوجهين:
= أمرتك أمرًا جازمًا فعصيتني ... فأصبحت مسلوب الإمارة نادما فما أنا بالباكي عليك صبابة ... وما أنا بالداعي لترجع سالما انظر: معجم الشعراء ص "١٩٣" شرح الحماسة للمرزوقي "٢/ ٨١٤". ١ سورة الأحزاب من الآية: ٣٦. ٢ بدأ المصنف يرد على القائلين بأن صيغة "افعل" تدل على الإباحة. ٣ هذا رد على القائلين بأنها للندب.