الأمر المطلق١: لا يقتضي التكرار في قول أكثر الفقهاء والمتكلمين. وهو اختيار أبي الخطاب٢.
وقال القاضي وبعض الشافعية: يقتضي التكرار٣؛ لأن قوله:"صم" ينبغي أن يعم كل زمان، كما أن قوله -تعالى-: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} ٤ يعم كل مشرك؛ لأن إضافة الأمر إلى جميع الزمان كإضافة لفظ المشترك إلى جميع الأشخاص.
ولأن الأمر بالشيء: نهي عن ضده، وموجب النهي: ترك المنهي أبدًا، فليكن موجب الأمر: فعل الصوم أبدًا، فإن قوله:"صم" معناه: لا تفطر، وقوله:"لا تفطر" يقتضي التكرار أبدًا٥.
١ قوله: "المطلق" تحرير لمحل النزاع، فإن الأمر إذا قيد بالمرة أو بالتكرار حمل على ما قيد به بلا خلاف، كذلك إذا قيد بصفة أو شرط، عند وجود الصفة أو الشرط. ٢ وهو رواية عن الإمام أحمد. انظر: "التمهيد ١/ ١٨٧". ٣ انظر: العدة "١/ ٢٦٤". ٤ سورة التوبة من الآية: ٥. ٥ خلاصته: أن القائلين بأنه يدل على التكرار استدلوا على ذلك بوجهين. أحدهما: أن النهي نقيض الأمر، والنهي يقتضي التكرار بالاتفاق، فكذلك الأمر، يجب أن يقتضي التكرار. ثانيهما: أن الأمر بالشيء نهي عن ضده، فإذا قال له: صم، فقد نهاه عن الفطر، والنهي عن الفطر يقتضي التكرار، فكذلك الأمر بالصوم. انظر: شرح الطوفي "٢/ ٣٧٦".