وـ ما ورد في الروايات من قوله "وتشفعني فيه"(١). إذ يطلب الأعمى أن يقبل الله تعالى شفاعته التي يطلب فيها من الله تعالى قبول شفاعة النبي ﷺ في حاجة الأعمى، وليس المراد أنه يشفع للنبي ﷺ في حاجة للنبي، وإنما المراد أنه يدعو الله تعالى أن يقبل شفاعة النبي ﷺ فيه فهو كالشفاعة في الشفاعة (٢)، فهذا يدل على أن النبي ﷺ قد شفع له ودعا له.
ز - إن العلماء فهموا من هذا الحديث التوسل بدعاء النبي- ﷺ، ولهذا:"ذكره العلماء في معجزات النبي ﷺ ودعائه المستجاب وما أظهر الله ببركة دعائه من الخوارق والإبراء من العاهات فإنه ﷺ ببركة دعائه لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره"(٣).
ح - قد ثبت بهذه الأدلة دعاء الرسول ﷺ للأعمى، فإذا ثبت دعاؤه له فلا يمكن أن يقاس عليه من لم يدع الرسول ﷺ له، إذ من شرط القياس المماثلة ولا توجد هنا مماثلة، إذ الفرق "ثابت شرعًا وقدرًا بين من دعا له النبي ﷺ، وبين من لم يدع له فلا يجوز أن يجعل أحدهما كالآخرة"(٤).
ط - وقد دل عمل الصحابة ومن بعدهم على الفرق المذكور لأنه "لو كان كل أعمى توسل به وإن لم يدع له الرسول ﷺ بمنزلة ذلك الأعمى لكان عميان الصحابة أو بعضهم يفعلون مثل ما فعل الأعمى، وأن كل أعمى دعا بدعاء ذلك الأعمى وفعل كما فعل من الوضوء والصلاة بعد موت النبي ﷺ وإلى زمننا هذا لم يوجد على وجه الأرض أعمى،
(١) عند أحمد: ٤/ ١٣٨، والبيهقي في الدعوات: ل ٢٢ في رواية روح عن شعبة المتقدمة. (٢) قاعدة في التوسل: ٢٧٦ - ٢٧٧. (٣) قاعدة في التوسل ضمن المجموع: ١/ ٢٦٦. (٤) الرد على البكري: ١٢٩، وقاعدة في التوسل: ١٣٣.