لي: إن سألتنا مالك عندنا فقد اتهمتنا وإن سألت ما ليس لك عندنا فقد أسأت الثناء علينا، وإن رضيت أجرينا لك الأمور، ما قضينا لك به في الدهور" (١).
وقال آخر: "من عرف الله أمسك عن رفع حوائجه إليه لما علم أنه العالم بأحواله" (٢).
وروي عن الجنيد أنه دخل عليه جماعة فقالوا: "أين نطلب الرزق؟ فقال: إن علمتم في أي موضع هو، فاطلبوه منه، قالوا: فنسأل الله تعالى ذلك، فقال: إن علمتم أنه ينساكم فذكروه فقالوا: ندخل البيت فنتوكل فقال: التجربة شك قالوا: فما الحيلة؟ فقال: ترك الحيلة" (٣).
وقال آخر: "طلبك منه اتهام" (٤).
ومن أقوال هؤلاء في كون الدعاء من حظ العامة ما حكاه القشيري في رسالته من أنه "قيل: دعاء العامة بالأقوال، ودعاء الزهاد بالأفعال، ودعاء العارفين بالأحوال … وقيل: ألسنة المبتدئين منطلقة بالدعاء، وألسنة المتحققين خرست عن ذلك" (٥).
وبلغ الحال ببعضهم إلى أن قال: "الفقير هو الذي لا يكون له إلى الله حاجة" (٦)، فهذا في غاية الشناعة ومع ذلك حاول بعضهم تأويله (٧)
(١) الرسالة القشيرية: ٢/ ٥٣٣، وإتحاف السادة المتقين: ٥/ ١٧٧، والأزهية: ٤٥. (٢) اللمع للطوسي: ٣٣٢، وتلبيس إبليس: ٣٣٧، ونسبه إلى أبي العباس بن عطاء. (٣) الرسالة القشيرية: ١/ ٤٢٧. (٤) العلم الشامخ: ٤٠، ٤٦٠، نسبه إلى ابن عطاء. (٥) رسالة القشيري: ٢/ ٥٣٣. (٦) رسالة القشيري: ٢/ ٥٤٥، والعلم الشامخ ص: ٣٨. (٧) فقد حاول القشيري تأويله إلى أنه يشير إلى سقوط المطالبات وانتفاء الاختيار وأوله صاحب عوارف المعارف إلى أنه مشغول بالعبودية وتام الثقة بربه وبعلمه. اهـ. انظر الرسالة ص: ٥٤٥، والعلم الشامخ: ٣٨.