أي: أدّوا زكاة مما أخرجنا لكم من الأرض؛ من حبوبٍ وثمار، حسبما جاءت بذلك سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
والإنفاق هنا المقصود به الزكاة الواجبة فيما تُخرجه الأرض مما يُنبته الآدميون، بدليل قول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[التوبة: ٣٤].
إذًا المقصود بالإنفاق هنا: هو إخراج الزكاة. هذا الدليل الأول من الكتاب.
الدليل الثاني من الكتاب: فهو قول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في سورة الأنعام: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}[الأنعام: ١٤١].
فمحل الشاهد هو قوله -تعالى-: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}.
وفسّر ذلك ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما- بأنَّ "الحقَّ" هنا إنما هي الزكاة المفروضة (١)، وفسّرها مرةً أُخرى بأنَّ المقصود بها العُشر، ومرةً ثالثةً نصف العُشر (٢)، وكلها إنما هي في الزكاة المفروضة.
(١) يُنظر: "تفسير الطبري" (١٢/ ١٥٨) وفيه: "عن ابن عباس، عن أبيه، في قوله: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} قال: الزكاة. (٢) يُنظر: "تفسير الطبري" (١٢/ ١٥٨) وفيه: "عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}، قال: العشر ونصف العشر".