طَعْمَ الْإِيمَانِ: مَنْ عَبَدَ اللَّهَ وَحْدَهُ، وَأَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. وَأَعْطَى زَكَاةَ مَالِهِ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ رَافِدَةً عَلَيْهِ فِي كُلِّ عَامٍ، وَلَمْ يُعْطِ الْهَرِمَةَ، وَلَا الدَّرَنَةَ، وَلَا الْمَرِيضَةَ، وَلَا الشُّرَطَ اللَّئِيمَةَ، وَلَكِنْ مِنْ وَسَطِ أَمْوَالِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَسْأَلْكُمْ خَيْرَهُ، وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهِ، انْتَهَى. وَلَمْ يَصِلْ أَبُو دَاوُد بِهِ سَنَدَهُ، وَوَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَحَادِيثِ الْأُصُولِ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "فِي خَمْسٍ الْإِبِلِ شَاةٌ، وَلَيْسَ فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرًا".قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ": وَرَوَى الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى، وَأَبُو إسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي "كِتَابَيْهِمَا": أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: "فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ وَلَا شَيْءَ مِنْ الزِّيَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرًا"، انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ، تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ عُمَرَ رضي الله عنه١ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ كِتَابَ الصَّدَقَةِ، وَكَانَ فِيهِ: فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ أَنَسٍ، عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، فِي خَمْسِ ذَوْدٍ شَاةٌ.
قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي الزِّيَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرًا، فَرَوَى مَعْنَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ٢ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكِتَابِ عُمَرَ رضي الله عنه فِي الصَّدَقَاتِ: أَنَّ الْإِبِلَ إذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الْعَشْرِ شَيْءٌ يَعْنِي حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَهَكَذَا قَالَ فِي كُلِّ نِصَابٍ، قُلْت: وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لِمُحَمَّدٍ فِي قَوْلِهِ: إنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي النِّصَابِ مَعَ الْعَفْوِ، بِظَاهِرِ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ أَنَسٍ: مِنْ كُلِّ خَمْسِ ذَوْدٍ شَاةٌ. فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، الْحَدِيثَ. وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ، الْحَدِيثَ. وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَوَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّهُ غَيْرُ الْوُجُوبِ إلَى النِّصَابِ الْآخَرِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ الْأَوَّلَ مُنْسَحِبٌ إلَى الْوُجُوبِ الثَّانِي، وَمَا بَيْنَهُمَا هُوَ الْعَفْوُ.
قَوْلُهُ: لِأَنَّ الصُّلْحَ قَدْ جَرَى عَلَى ضِعْفِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَعْنِي مَعَ بَنِي تَغْلِبَ، قُلْت: أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ رحمه الله عن عبادة بن نعمان التَّغْلِبِيِّ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه لَمَّا صَالَحَهُمْ يَعْنِي نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ عَلَى تَضْعِيفِ الصَّدَقَةِ، قَالُوا: نَحْنُ عَرَبٌ لَا نُؤَدِّي مَا يُؤَدِّي
١ تقدم كتاب عمر في "فصل في الإِبل" ص ٣٣٨ من هذا الجزء، وفي ذلك الفصل كتاب أنس أيضاً.٢ أبو عبيد في "كتاب الأموال" ص ٣٦٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute