عَلَى عَدَم غلِّوهُ فِي تشيُّعه، وَمِنْ بَلَغَ فِي الحِفْظِ وَالآثَار مَبْلَغَ ابْنِ عُقْدَةَ، ثُمَّ يَكُوْنُ فِي قَلْبِهِ غِلٌّ لِلسَّابقين الأَولين، فَهُوَ مُعَانِد أَوْ زِنْدِيْق وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَبِهِ: إِلَى الحَافِظ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: وَإِنَّمَا لُقِّبَ وَالدُ أَبِي العَبَّاسِ بعُقْدَةَ لِعِلْمِهِ بِالتَّصريف وَالنَّحْو.
وَكَانَ يورِّق بِالكُوْفَةِ، وَيعلِّم القُرْآنَ وَالأَدبَ (١) ، فَأَخْبَرَنِي القَاضِي أَبُو العَلاَء، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ النَّجَّار، قَالَ:
حَكَى لَنَا أَبُو عَلِيٍّ النَّقَّار، قَالَ: سَقَطَت مِنْ عُقْدَةَ دَنَانِيْرَ، فَجَاءَ بنخَّالٍ ليطلُبَهَا.
قَالَ عُقْدَةُ: فَوَجَدتُهَا ثُمَّ فَكَّرتُ فَقُلْتُ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا غَيْر دنَانيرك؟
فَقُلْتُ لِلنَّخَّال: هِيَ فِي ذِمَّتِكَ، وَذَهَبْتُ وَتَرَكْتُه (٢) .
قَالَ: وَكَانَ يُؤدِّب ابْن هِشَامٍ الخَزَّاز، فَلَمَّا حَذَقَ الصَّبيُّ وَتعَلَّمَ، وَجَّه إِلَيْهِ أَبُوْهُ بدنَانير صَالِحَة، فَرَدَّهَا فَظَنَّ ابْنُ هِشَام أَنَّهَا اسْتُقِلَّت، فَأَضْعَفَهَا لَهُ، فَقَالَ:
مَا رَدَدْتُهَا اسْتِقْلاَلاً، وَلَكِنْ سَأَلَنِي الصَّبيُّ أَنْ أُعَلِّمَهُ القُرْآن، فَاخْتَلَطَ تعلِيمُ النَّحْوِ بتعلِيمِ القُرْآن، وَلاَ أَستَحِلّ أَنْ آخذ مِنْهُ شَيْئاً، وَلَوْ دَفَعَ إِلَيَّ الدُّنْيَا (٣) .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ النَّجَّار: وَكَانَ عُقْدَةُ زيديّاً، وَكَانَ وَرِعاً نَاسِكاً، سُمِّيَ عُقْدَةَ لأَجلِ تَعْقِيدِهِ فِي التَّصْرِيفِ، وَكَانَ وَرَّاقاً جَيِّدَ الخَطِّ، وَكَانَ ابْنُهُ أَحفظَ مَنْ كَانَ فِي عَصْرنَا لِلْحَدِيْثِ (٤) .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: قَالَ لِي ابْنُ عُقْدَةَ:
دَخَلَ البَرْديجِي (٥) الكُوْفَة،
(١) المصدر السابق.
(٢) المصدر السابق.
(٣) " تاريخ بغداد ": ٥ / ١٥.
(٤) المصدر السابق.
(٥) هو أبو بكر، أحمد بن هارون. كان ثقة حافظا توفي سنة / ٣٠١ / هـ. ونسبته إلى " برديج " وهي بليدة بأقصى أذربيجان.
أنظر " الأنساب ": ٢ / ١٣٩ - ١٤٠.