المُحَاسِبِيَّ مُتَعَلَّقاً بِأَبِيْهِ، يَقُوْلُ: طَلِّقْ أُمِّي، فَإِنَّكَ عَلَى دِيْنٍ، وَهِيَ عَلَى غَيْرِهِ (١) .
قَالَ الجُنَيْدُ: قَالَ لِيَ الحَارِثُ: كَمْ تَقُوْلُ: عُزْلَتِي أُنْسِي، لَوْ أَنَّ نِصْفَ الخَلْقِ تَقَرَّبُوا مِنِّي، مَا وَجَدْتُ لَهُمْ أُنْساً، وَلَوْ أَنَّ النِّصْفَ الآخَرَ نَأَوْا عَنِّي، مَا اسْتَوْحَشْتُ (٢) .
وَاجْتَازَ الحَارِثُ يَوْماً بِي، فَرَأَيْتُ فِي وَجْهِهِ الضُّرَّ مِنَ الجُوْعِ، فَدَعَوْتُهُ، وَقدَّمْتُ لَهُ أَلْوَاناً، فَأَخَذَ لُقْمَةً، فَرَأَيْتُهُ يَلُوْكُهَا، فَوَثَبَ وَخَرَجَ، وَلفَظَ اللُّقْمَةَ، فَلَقِيْتُهُ، فَعَاتَبْتُهُ.
فَقَالَ: أَمَّا الفَّاقَةُ فَكَانَتْ شَدِيْدَةً، وَلَكِنْ إِذَا لَمْ يَكُنِ الطَّعَامُ مَرْضِيّاً، ارْتَفَعَ إِلَى أَنْفِي مِنْهُ زَفْرَةٌ (٣) ، فَلَمْ أَقْبَلْهُ (٤) .
وَعَنْ حَارِثٍ، قَالَ: جَوْهَرُ الإِنْسَانِ الفَضْلُ، وَجَوْهَرُ العَقْلِ التَّوْفِيْقُ (٥) .
وَعَنْهُ، قَالَ: تَرْكُ الدُّنْيَا مَعَ ذِكْرِهَا صِفَةُ الزَّاهِدِيْنَ، وَتَرْكُهَا مَعَ نِسْيَانِهَا صِفَةُ العَارِفِيْنَ (٦) .
قُلْتُ: المُحَاسِبِيُّ كَبِيْرُ القَدْرِ، وَقَدْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ يَسِيْرٍ مِنَ الكَلاَمِ،
(١) " حلية الأولياء " ١٠ / ٧٥، و" تاريخ بغداد " ٨ / ٢١٤، و" طبقات الشافعية " للسبكي ٢ / ٢٧٧.(٢) " حلية الأولياء " ١٠ / ٧٤، و" تاريخ بغداد " ٨ / ٢١٣، و" طبقات الشافعية " للسبكي ٢ / ٢٧٦.(٣) العبارة في " حلية الأولياء ": ارتفع إلى أنفي زمنة فورة وهو خطأ.(٤) الخبر مطولا في " حلية الأولياء " ١٠ / ٧٤، ٧٥، و" تاريخ بغداد " ٨ / ٢١٣، ٤؟ ٢، و" طبقات الشافعية " ٢ / ٢٧٦.(٥) " حلية الأولياء " ١٠ / ١٠٩، وفيه: ... وجوهر العقل الصبر.والخبر في " تاريخ بغداد " ٨ / ٢١٣، و" طبقات الشافعية " للسبكي ٢ / ٢٨٢.(٦) " تاريخ بغداد " ٨ / ٢١٣
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute