قَالَ حَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ يَقُوْلُ: قَدْ كُنْتُ عَزَمْتُ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنْ أَرحلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الإِسمَاعِيلِيِّ فلَمْ أُرزَقْ (١) .
قُلْتُ: إِنَّمَا كَانَ يُرحلُ إِلَيْهِ لعِلْمِهِ لاَ لعلوٍّ بِالنسبَةِ إِلَى أَبِي الحَسَنِ.
قَالَ حَمْزَةُ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ الحَافِظَ بِالبَصْرَةِ يَقُوْلُ: كَانَ الوَاجبُ للشَّيخِ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يصَنِّفَ لِنَفْسِهِ سُنَناً (٢) وَيختَارَ وَيجتهدَ، فَإِنَّهُ كَانَ يقدِرُ عَلَيْهِ لكَثْرَةِ مَا كَتَبَ، وَلغَزَارَةِ عِلْمِهِ وَفَهْمِهِ وَجَلاَلَتِهِ، وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يتقيَّدَ بكتَابِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ فَإِنَّهُ كَانَ أَجلَّ مِنْ أنْ يتَّبعَ غَيْرَهُ، أَوْ كَمَا قَالَ (٣) .
قُلْتُ: مِنْ جَلاَلَةِ الإِسمَاعِيلِيِّ أَنْ عَرفَ قَدْرَ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) وَتقيَّدَ بِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ الإِسمَاعِيلِيُّ وَاحدَ عَصْرِهِ، وَشيخَ المُحَدِّثِيْنَ وَالفُقَهَاءَ، وَأَجلَّهُمْ فِي الرَّئَاسَةِ وَالمُروءةِ وَالسَّخَاءِ، وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ العُلَمَاءِ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ وَعقلاَئِهِمْ فِي أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سَأَلَنِي الوَزِيْرُ أَبُو الفَضْلِ جَعْفَرُ بنُ الفَضْلِ بنِ الفُرَاتِ بِمِصْرَ عَنِ الإِسمَاعِيلِيِّ وَسيرَتِهِ وَتَصَانِيْفِهِ، فكُنْتُ أُخْبِرُهُ بِمَا صَنَّفَ مِنَ الكُتُبِ، وَبِمَا جَمَعَ مِنَ المَسَانِيْدِ وَالمقلِّينَ، وَتخريجُهُ عَلَى (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) ، وَجمِيعِ سيرتِهِ، فتعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَقَدْ كَانَ رزق مِنَ العِلْمِ وَالجَاهِ وَالصِّيتِ الحَسَنِ (٤) .
(١) " تاريخ جرجان ": ص ٧٠.(٢) في " تاريخ جرجان ": شيئا.(٣) تاريخ جرجان: ص ٧٠، وما بين حاصرتين منه.(٤) " تاريخ جرجان ": ص ٧٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute