قريش، إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير، وقد علمت قريش أن النصارى تعبد عيسى ابن مريم، وما يقول محمَّد فقالوا: يا محمَّد ألست تزعم أن عيسى كان نبياً وعبداً من عباد الله! صالحاً فلئن كنت صادقاً فإن آلهتهم لكما تقولوا، فأنزل الله -عز وجل-: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧)} [الزخرف: ٥٧](١).
عباد الله! "وهذا القياس الفاسد من قريش، من تشبيه الأنبياء المكرمين بالأصنام المعبودة غير العاقلة اقتضى الرد عليه، فقال الله تعالى مبيناً عبودية عيسى لله:{إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ}، وإنه لم يدع إلى عبادة نفسه، بل دعا إلى عبادة الله وحده:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ}، وسمى القرآن احتجاج قريش بالجدل:{مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا} وهو المراء الباطل حيث كانوا عرباً فصحاء لا يخفى عليهم أن الآية {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨)} هي خطاب لقريش، وهم يعبدون أصناماً لا تعقل، وليست خطاباً للنصارى، فلا يرد اعتراضهم على الآية أصلاً -هي لما لا يعقل- بدعوى استحلالها للمسيح عليه السلام"(٢).
[ثالثا: الروح]
عباد الله! ومن المجادلات التي أثارها المشركون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سؤالهم عن الروح.