فو الله ما لبث أن جال ثم حمحم فبال، ثم فعل فعله الذي يليه واحدا فواحدا، فتضعضعت الخيل وتكعكعت الإبل [١] وتقهقرت البغال، فمن نافر بشكاله وشارد [٢] بعقاله، فعلمنا أنه السبع، ففزع كلّ منّا إلى سيفه فسلّه من قرابه [٣] ثم وقفنا رزدقا [٤] ، فأقبل أبو الحارث من أجمته يتظالع في مشيته [٥] كأنه مجنوب أو في هجار معصوب [٦] لطرفه وميض، ولصدره نحيط [٧] ، ولبلعومه غطيط، ولأرساغه نقيض [٨] كأنما يخبط هشيما أو يطأ صريما [٩] له هامة كالمجنّ وخدّ كالمسن، وعينان سجراوان كأنهما سراجان يقدان، وقصرة ربلة ولهزمة رهلة، وكتد مغبط، وزور مفرط، وساعد مجدول، وعضد مفتول [١٠] وكفّ شثنة البراثن إلى مخالب كالمحاجن، فضرب بيديه فأرهج [١١] ، وكشّر فأفرج، عن أنياب كالمعاول مصقولة غير مفلولة، وفم أشدق كالغار الأخرق [١٢] ثم تمطى [فأشرع] بيديه وحفز بوركيه حتى صار ظلّه مثليه، ثم أقعى فاقشعرّ، ثم أقبل [١٣] فاكفهر، ثم تجهم فازبأر [١٤] ، فلا وذو بيته في السماء ما اتقيناه إلا بأخ لنا من فزارة كان ضخم الجزارة [١٥] ، فوقصه
[١] تكعكعت: أحجمت. [٢] الطبقات: وناهض. [٣] الطبقات: فاستله من جربانه. [٤] الرزدق: الصف المستوي. [٥] الطبقات: في بغيه، يعني يختال. [٦] م: كأنه مجنون أو في وجار مسجون؛ والمجنوب: المصاب بذات الجنب، والهجار: الحبل يشدّ به. (وسقطت معصوب من الطبقات) . [٧] م: خطيط؛ والنحيط: الزفير. [٨] م: قضيض؛ والنقيض: صوت المفاصل. [٩] م: رميما؛ والصريم: الرمل. [١٠] العين السجراء: التي تخالط بياضها أو سوادها حمرة خفيفة، القصرة: العنق؛ ربلة: كثيرة اللحم، واللهزمة: مجتمع اللحم بين الماضغ والأذن، رهلة: مسترخية، والكتد: مجتمع الكتفين، مغبط: مرتفع ممتلىء؛ والزور (وفي م: زند) ملتقى أطراف عظام الصدر، مفرط: ممتلىء اللحم. [١١] أرهج: أثار الغبار. [١٢] الأخرق: الواسع الخرق. [١٣] الأغاني: مثل؛ الطبقات: تميل. [١٤] ازبأر: انتفش شعره. [١٥] الجزارة: اليدان والرجلان والعنق.