سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما كهرني (١) ولا ضربني ولا شتمني، قال:"إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن"، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: يا رسول الله! إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإنَّ منَّا رجالًا يأتون الكهان، قال:"فلا تأتهم".
قال: ومنَّا رجال يتطيرون، قال:"ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم"(٢)(قال ابن الصلاح: فلا يصدنكم)، قال: قلت: ومنا رجال يخطُّون. قال: "كان نبي من الأنبياء يخطُّ، فما وافق خطه فذاك» (٣).
(١) ما كهرني: أي ما قهرني ولا نهرني. انظر: شرح النووي ٥/ ٢٠. (٢) قال العلماء: معناه أن الطيرة شيء تجدونه في نفوسكم ضرورة، ولا عتب عليكم في ذلك، ولكن لا تمتنعوا بسببه من التصرف في أموركم. انظر: المرجع السابق ٥/ ٢٢. (٣) اختلف العلماء في معناه، والصحيح أن معناه: من وافق خطه فهو مباح له؛ = ... = ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا يُباح، والمقصود أنه حرام؛ لأنه لا يُباح إلا بيقين الموافقة، وليس لنا يقين بها، وقيل: إنه نُسِخَ في شرعنا. فحصل من مجموع كلام العلماء فيه الاتفاق على النهي عنه الآن فهو محرم. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم ٥/ ٢٣.