حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا آدم، حدثنا المبارك عن الحسن:(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ) قال: حسنة، (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) قال تنظر إلى الخالق، وحُقّ لها أن تَنضُر وهي تنظر إلى الخالق (١).
وقوله:(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةَ) هذه وجوه الفجار تكون يوم القيامة باسرة. قال قتادة: كالحة. وقال السدي: تغير ألوانها. وقال ابن زيد (بَاسِرَةٌ) أي: عابسة.
(تَظُنُّ) أي: تستيقن، (أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ) قال مجاهد: داهية. وقال قتادة: شر. وقال السدي: تستيقن أنها هالكة. وقال ابن زيد: تظن أن ستدخل النار.
يخبر تعالى عن حالة الاحتضار وما عنده من الأهوال -ثبتنا الله هنالك بالقول الثابت-فقال تعالى:(كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ) إن جعلنا (كَلا) رداعة فمعناها: لست يا ابن آدم تكذب هناك بما أخبرت به، بل صار ذلك عندك عيانا. وإن جعلناها بمعنى (حقا) فظاهر، أي: حقا إذا بلغت التراقي، أي: انتزعت روحك من جسدك وبلغت تراقيك، والتراقي: جمع ترقوة، وهي العظام التي بين ثغرة النحر والعاتق، كقوله: ﴿فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلا (٢) إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الواقعة: ٨٣ - ٨٧]. وهكذا قال هاهنا:(كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ) ويذكر هاهنا حديث بُسْر بن جِحاش الذي تقدم في سورة "يس"(٣). والتراقي: جمع ترقوة، وهي قريبة من الحلقوم.
(١) تفسير الطبري (٢٩/ ١١٩). (٢) في أ: "كلا" وهو خطأ. (٣) حديث بسر بن جحاش، رواه الإمام أحمد في المسند (٤/ ٣١٠) من طريق جبير بن نفير، عن بسر بن جحاش: أن رسول الله ﷺ بصق يومًا في كفه فوضع عليها إصبعه ثم قال: "قال الله تعالى: ابن آدم أني تعجزني وقد خلقتك مثل هذه حتى إذا سويتك وعدلتك، مشيت بين برديك وللأرض منك وئيد، فجمعت ومنعت، حتى إذا بلغت التراقي قلت: أتصدق وأنى أوان الصدقة؟! " وقد سبق عند تفسير الآية: ٧٧ من سورة يس.