وقال عبد بن حُمَيد: حدثنا مصعب بن المقدام، حدثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن قال: أتت عجوز فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة. فقال:"يا أم فلان، إن الجنة لا تدخلها عجوز". قال: فَوَلَّت تبكي، قال:"أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول:(إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا)
وهكذا رواه الترمذي في الشمائل عن عبد بن حميد (١).
وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا بكر بن سهل الدمياطي، حدثنا عمرو بن هاشم البيروتي، حدثنا سليمان بن أبي كريمة، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن قول الله: ﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾ [الواقعة: ٢٢]، قال: "حور: بيض، عين: ضخام العيون، شُفْر الحوراء بمنزلة جناح النسر". قلت: أخبرني عن قوله: ﴿كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾ [الواقعة: ٢٣]، (٢) قال: "صفاؤهن صفاءُ الدر الذي في الأصداف، الذي لم تَمَسّه الأيدي". قلت: أخبرني عن قوله: ﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ﴾ [الرحمن: ٧٠]. قال: "خَيّراتُ الأخلاق، حِسان الوجوه". قلت: أخبرني عن قوله: ﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾ [الصافات: ٤٩]، قال: "رقتهن كرقة الجلد الذي رأيت في داخل البيضة مما يلي القشر، وهو: الغِرْقئُ". قلت: يا رسول الله، أخبرني عن قوله:(عُرُبًا أَتْرَابًا). قال: "هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز رُمْصًا شُمطًا، خلقهن الله بعد الكبر، فجعلهن عذارى عُرُبًا متعشقات محببات، أترابًا على ميلاد واحد". قلت: يا رسول الله، نساء الدنيا أفضل أم الحور العين؟ قال: "بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين، كفضل الظّهارة على البطانة". قلت: يا رسول الله، وبم ذاك؟ قال: "بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله، ﷿، ألبس الله وجوههن النور، وأجسادهن الحرير، بيض الألوان، خضر الثياب، صفر الحلي، مَجَامِرُهُنَّ الدُّرّ، وأمشاطهن الذهب، يقلن: نحن الخالدات فلا نموت أبدًا، ونحن الناعمات فلا نبأس أبدًا، ونحن المقيمات فلا نظعن أبدًا، ألا ونحن الراضيات فلا نسخط أبدًا، طوبى لمن كُنَّا له وكان لنا". قلت: يا رسول الله، المرأة منا تتزوج زوجين والثلاثة والأربعة، ثم تموت فتدخل الجنة ويدخلون معها، من يكون زوجها؟ قال: "يا أم سلمة، إنها تُخَيَّر فتختار أحسنهم خلقًا، فتقول: يا رب، إن هذا كان أحسن خلقًا معي فزوجنيه، يا أم سلمة (٣) ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة" (٤).
وفي حديث الصور الطويل المشهور (٥) أن رسول الله ﷺ يشفع للمؤمنين كلهم في دخول الجنة فيقول الله: قد شفعتك وأذنت لهم في دخولها. فكان رسول الله ﷺ يقول: "والذي بعثني بالحق، ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم،
(١) الشمائل المحمدية للترمذي برقم (٢٣٠). (٢) في أ: "كأنهن" وهو خطأ. (٣) في أ: "يا أم سليم". (٤) المعجم الكبير (٢٣/ ٣٦٨) وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ١١٩): "فيه إسماعيل بن أبي كريمة ضعفه أبو حاتم وابن عدي". (٥) حديث الصور مضى عند تفسير الآية: ٧٣ من سورة الأنعام.