وإذا قلت:(وَقَابِلِ التَّوْبِ)، فقل:"يا قابل التوب، اقبل توبتي". وإذا قلت:(شَدِيدُ الْعِقَابِ)، فقل:"يا شديد العقاب، لا تعاقبني". قال: فالتفت فلم أر أحدًا، فخرجت إلى الباب فقلت: مَرّ بكم رجل عليه مقطعات يمنية؟ قالوا: ما رأينا أحدًا فكانوا يُرَون أنه إلياس.
ثم رواه من طريق أخرى، عن ثابت، بنحوه. وليس فيه ذكر إلياس.
يقول تعالى: ما يدفع الحق ويجادل فيه بعد البيان وظهور البرهان (إِلا الَّذِينَ كَفَرُوا) أي: الجاحدون لآيات الله وحججه وبراهينه، (فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) أي: في أموالهم ونعيمها وزهرتها، كما قال: ﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران: ١٩٦ - ١٩٧]، وقال تعالى: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ [لقمان: ٢٤].
ثم قال تعالى مسليًا لنبيه (١) محمد ﷺ في تكذيب من كذبه من قومه، بأن له أسوة من سلف من الأنبياء؛ فإنه قد كذبهم (٢) أممهم وخالفوهم، وما آمن بهم منهم إلا قليل (٣)، فقال:(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ) وهو أول رسول بَعَثه الله ينهى عن عبادة الأوثان، (وَالأحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ) أي: من كل أمة، (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ) أي: حرصوا على قتله بكل ممكن، ومنهم من قتل رسوله (٤)، (وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ) أي: مَاحَلُوا بالشبهة (٥) ليردوا الحق الواضح الجلي.
وقد قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عارم أبو النعمان، حدثنا مُعْتَمِر بن سليمان قال: سمعت أبي يحدث عن حَنَش، عن عكرمة، عن ابن عباس (٦)[﵁](٧)، عن النبي ﷺ قال:"من أعان باطلا ليدحض بباطله حقًّا، فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله"(٨).
وقوله:(فَأَخَذْتُهُمْ) أي: أهلكتهم على ما صنعوا من هذه الآثام والذنوب العظام، (فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ) أي: فكيف بلغك عذابي لهم، ونكالي بهم؟ قد كان شديدًا موجعًا مؤلمًا.
قال قتادة: كان والله شديدًا.
(١) في ت: "لرسوله". (٢) في س، أ: "كذبتهم". (٣) في ت، س: "القليل". (٤) في ت، س، أ: "رسولهم". (٥) في ت، أ: "ما جاءوا به من الشبهة". (٦) في ت: "وقد روى الطبراني بإسناده". (٧) زيادة من أ. (٨) المعجم الكبير (١١/ ٢١٥) ورواه الحاكم في المستدرك (٤/ ١٠٠) من طريق علي بن عبد العزيز به موقوفا وقال: "صحيح الإسناد" وتعقبه الذهبي بقوله: "فيه حنش الرحبي وهو ضعيف".