ورواه الترمذي عن سُويد (١)، عن ابن المبارك عن فُلَيح به (٢) وقال: حسن صحيح.
وقال (٣) الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر وأبو كامل (٤) قالا حدثنا زهير، حدثنا سعد الطائي، حدثنا أبو المدله -مولى أم المؤمنين-أنه سمع أبا هريرة يقول: قلنا: يا رسول الله، إنا إذا رأيناك رقت قلوبنا، وكنا من أهل الآخرة، فإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا وشَممْنَا النساء والأولاد. قال:"لو أنكم تكونون على كل حال على الحال التي أنتم عليها عندي، لصافحتكم الملائكة بأكفهم، ولزارتكم في بيوتكم. ولو لم تُذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم" قلنا: يا رسول الله، حَدّثنا عن الجنة، ما بناؤها؟ قال:"لَبِنَةُ ذهب ولَبِنَةُ فضّة، وملاطها المسك الأذْفَر، وحَصْباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا يَبْأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه. ثلاثة لا تُرَدَّ دعوتُهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم تُحمَل على الغَمام، وتفتح لها أبواب السموات، ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين"(٥).
وروى الترمذي، وابنُ ماجه بعضَه، من حديث سعد (٦) أبي مجاهد الطائي -وكان ثقة-عن أبي المُدَلِّه -وكان ثقة-به (٧).
وقوله:(تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ) أي: تسلك (٨) الأنهار بين خلال ذلك، كما يشاءوا (٩) وأين أرادوا، (وَعَدَ اللَّهُ) أي: هذا الذي ذكرناه وعد وعده الله عباده المؤمنين (إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)
يخبر تعالى: أن أصل الماء في الأرض من السماء كما قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: ٤٨]، فإذا أنزل الماء من السماء كَمَن في الأرض، ثم يصرفه تعالى في أجزاء الأرض كما يشاء، ويُنِبُعه عيونًا ما بين صغار وكبار، بحسب الحاجة إليها؛ ولهذا قال:(فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرْضِ).
قال (١٠) ابن أبي حاتم ﵀: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا أبو قتيبة عتبة بن يقظان، عن عكرمة (١١)، عن ابن عباس في قوله تعالى:(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرْضِ)، قال: ليس في الأرض ماء إلا نزل من السماء، ولكن عروق في الأرض
(١) في أ: "يزيد". (٢) المسند (٢/ ٣٣٩) وسنن الترمذي برقم (٢٥٥٦). (٣) في ت: "وروى". (٤) في أ: "وأبو عامر". (٥) المسند (٢/ ٣٠٤). (٦) سعيد". (٧) سنن الترمذي برقم (٣٥٩٨) وسنن ابن ماجه برقم (١٧٥٢) قال الترمذي: "هذا حديث حسن" ثم أشار إلى رواية أحمد المطولة. (٨) في ت: "تلك". (٩) في أ: "يشاءون". (١٠) في ت: "روى". (١١) في ت: "بسنده".