يقول تعالى مخبرا عن المشركين في تعجبهم من بعثة الرسول بشرا، كما قال تعالى: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ﴾ [يونس: ٢] وقال هاهنا: (وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) أي: بشر مثلهم، (وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا) أي: أزعم أن المعبود واحد لا إله إلا هو؟! أنكر المشركون ذلك -قبحهم الله تعالى-وتعجبوا من ترك الشرك بالله، فإنهم كانوا قد تلقوا عن آبائهم عبادة الأوثان وأشربته قلوبهم فلما دعاهم الرسول ﷺ إلى خلع ذلك من قلوبهم وإفراد الله (١) بالوحدانية أعظموا ذلك وتعجبوا وقالوا: (أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانْطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ) وهم سادتهم وقادتهم ورؤساؤهم وكبراؤهم قائلين: ([أن] امْشُوا)(٢) أي: استمروا على دينكم (وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ) ولا تستجيبوا لما يدعوكم إليه محمد من التوحيد.
وقوله:(إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ) قال ابن جرير: إن هذا الذي يدعونا (٣) إليه محمد ﷺ من التوحيد لشيء يريد به الشرف عليكم والاستعلاء، وأن يكون له منكم أتباع ولسنا مجيبيه إليه.
ذكر سبب نزول هذه الآيات:
قال السدي: إن أناسا من قريش اجتمعوا فيهم: أبو جهل بن هشام والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب والأسود بن عبد يغوث في نفر من مشيخة قريش، فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى أبي طالب فلنكلمه فيه، فلينصفنا منه فليكف عن شتم آلهتنا وندعه وإلهه الذي يعبده؛ فإنا نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون منا إليه شيء. فتعيرنا [به](٤) العرب يقولون:
(١) في ت، س، أ: "الإله". (٢) زيادة من أ. (٣) في ت: "يدعوا". (٤) زيادة من ت، س، أ.