وكل هذا لا ينافي كونه ﷺ ما عُلِّم شعرًا ولا ينبغي له؛ فإن الله تعالى إنما علمه القرآن العظيم، الذي ﴿لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: ٤٢]. وليس هو (٣) بشعر كما زعمه طائفة من جهلة كفار قريش، ولا كهانة، ولا مفتعل، ولا سحر يُؤثر، كما تنوعت فيه أقوال الضُّلال (٤) وآراء الجُهَّال. وقد كانت سجيته ﷺ تأبى صناعة الشعر طبعًا وشرعًا، كما رواه أبو داود قال:
حدثنا عبيد الله بن عُمَر، حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثنا شرحبيل بن يزيد المَعَافري، عن عبد الرحمن (٥) بن رافع التنوخي قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول (٦): [سمعت رسول الله ﷺ يقول](٧): "ما أبالي ما أوتيت إن أنا شَربت ترياقًا، أو تعلقت تميمة، أو قلت الشعر من قبل نفسي". تفرد به أبو داود. (٨)
وقال (٩) الإمام أحمد،﵀: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن الأسود بن شيبان، عن أبي نوفل قال: سألتُ عائشة: أكان رسول الله ﷺ يتسامع عنده الشعر؟ فقالت: كان أبغض الحديث إليه. وقال عن عائشة: كان رسول الله ﷺ يعجبه الجوامع من الدعاء، ويدع ما بين ذلك. (١٠)
وقال أبو داود: حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، ﵁، عن النبي ﷺ:"لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا، خير له من أن يمتلئ شعرًا". تفرد به من هذا الوجه، وإسناده على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. (١١)
وقال الإمام أحمد: حدثنا بريد، حدثنا قَزَعةُ بن سُوَيْد الباهلي، عن عاصم بن مَخْلَد، عن أبي الأشعث، الصنعاني (ح) وحدثنا الأشيب فقال: عن ابن عاصم، عن [أبي](١٢) الأشعث (١٣) عن شَدَّاد بن أوس قال: قال رسول الله ﷺ: "من قرض بيت شعر بعد العشاء الآخرة، لم تقبل له (١٤) صلاة تلك الليلة". (١٥)
(١) صحيح البخاري برقم (٢٨٠٢) وصحيح مسلم برقم (١٧٩٦). (٢) في أ: "إنشاده". (٣) في أ: "هذا". (٤) في ت: "أقوال أهل الضلال". (٥) في أ: "عبد الله". (٦) في ت: "كما رواه أبو داود عن عبد الله بن عمرو قال". (٧) زيادة من ت، س، وأبي داود. (٨) سنن أبي داود برقم (٣٨٦٩). (٩) في ت: "وروى". (١٠) المسند (٦/ ١٤٨). (١١) سنن أبي داود برقم (٥٠٠٩). (١٢) زيادة من ت، س، والمسند. (١٣) في ت: " وروى الإمام أحمد بإسناده". (١٤) في ت: "لم يقبل الله له". (١٥) المسند (٤/ ١٢٥).