للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَفي ذَاكَ للمُؤتَسي (١) أسْوَةٌ … ومَأربُ عَفّى عَلَيها العَرمْ

رُخَام بَنَتْهُ لَهُمْ حِمْيرُ … إذا جاءَ مَوَارهُ لم يَرمْ

فَأرْوَى الزُّرُوعَ وَأعنَابَها … عَلَى سَعَة مَاؤهُمْ إذْ (٢) قُسِم

فَصَارُوا أيَادي مَا يَقْدرُو … نَ منْه عَلَى شُرب طِفْل فُطِم (٣)

وقوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) أي: إن في هذا الذي حل بهؤلاء من النقمة والعذاب، وتبديل النعمة وتحويل العافية، عقوبةَ على ما ارتكبوه من الكفر والآثام -لعبرةً وَدَلالةً لكل عبد صبار (٤) على المصائب، شكور على النعم.

قال (٥) الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن وعبد الرزاق المعني، قالا أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن العَيْزَار بن حُرَيث عن عمر بن سعد، عن أبيه -هو سعد بن أبي وقاص، -قال: قال رسول الله : "عجبت من قضاء الله تعالى للمؤمن، إن أصابه خير حَمدَ رَبَّه وشكر، وإن أصابته مصيبة حَمِد ربه وصَبَر، يؤجر المؤمن في كل شيء، حتى في اللقمة يرفعها إلى في امرأته".

وقد رواه النسائي في "اليوم والليلة"، من حديث أبي إسحاق السَّبِيعي، به (٦) -وهو حديث عزيز-من رواية عمر بن سعد، عن أبيه. ولكن له شاهد في الصحيحين من حديث أبي هريرة: "عجبًا للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا (٧)، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن". (٨)

قال عبد: حدثنا يونس، عن شيبان، عن (٩) قتادة (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) قال: كان مطرّف يقول: نعم العبد الصبار الشكور، الذي إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر.

﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٢١)﴾.

لما ذكر [الله] (١٠) تعالى قصة سبأ وما كان من أمرهم في اتباعهم الهوى والشيطان، أخبر عنهم وعن أمثالهم ممن اتبع إبليس والهوى، وخالف الرشاد والهدى، فقال: (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ).


(١) في ت: "وفي ذلك للمتوسى".
(٢) في ت: "إذا".
(٣) السيرة النبوية لابن هشام (١/ ١٤).
(٤) في ت: "صبار شكور على".
(٥) في ت: "وروى".
(٦) المسند (١/ ١٧٣) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١٠٩٠٦).
(٧) في ت، س: "خيرًا له".
(٨) لم أجده من حديث أبي هريرة، وقد رواه مسلم في صحيحه برقم (٢٩٩٩) من حديث صهيب، .
(٩) في ت: "وعن".
(١٠) زيادة من ت.